السيد السيستاني يشدد على منع التدخلات الخارجية ومكافحة الفساد
بغداد: محمد الأنصاري
حازم محمد حبيب
شدد المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، أمس الاثنين، على منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد، كما أعرب عن أسفه على عجز المجتمع الدولي ومؤسساته بفرض حلول ناجعة لإيقاف الحرب بلبنان وغزة.
وذكر بيان لمكتب السيد السيستاني تلقته "الصباح"، أن "السيد السيستاني (دام ظله) استقبل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) الدكتور محمد الحسان والوفد المرافق معه".
وأضاف البيان، أن "الحسان قدّم للسيد السيستاني شرحاً موجزاً حول مهام البعثة الدولية والدور الذي تروم القيام به في الفترة القادمة"، وفي المقابل رحّب "المرجع الأعلى بحضور الأمم المتحدة في العراق وتمنى لبعثتها التوفيق في القيام بمهامها"، مشيراً إلى "التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد".
حديث المرجعية
وقال المرجع الديني الأعلى، بحسب البيان: إنه "ينبغي للعراقيين - ولا سيما النخب الواعية - أن يأخذوا العِبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز إخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار".
وأكد السيد السيستاني، على أن "ذلك لا يتسنَّى من دون إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات"، مردفاً: "لكن يبدو أن مساراً طويلاً أمام العراقيين إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك، أعانهم الله عليه".
وفي ما يخص الأوضاع الملتهبة في منطقتنا؛ عبّر السيد السيستاني، عن "عميق تألّمه للمأساة المستمرة في لبنان وغزّة وبالغ أسفه على عجز المجتمع الدولي ومؤسساته على فرض حلول ناجعة لإيقافها أو في الحدّ الأدنى تحييد المدنيين من مآسي العدوانية الشرسة التي يمارسها الكيان الصهيوني".
دعم الأمم المتحدة
من جانبه، أكد ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسّان، اتفاقه مع المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، على العمل المشترك لتعزيز مكانة العراق وأمنه.
وقال الحساني، خلال مؤتمر صحفي، عقده بعد لقائه بالمرجع الديني الأعلى: "تشرفت كمبعوث خاص في العراق بلقاء السيد السيستاني، واستمعت إلى حكمته ورؤيته للمنطقة والعراق".
وأشار، إلى "مكانة السيد السيستاني، في العالم الإسلامي والعالمي"، معرباً عن سعادته "بهذا اللقاء ونصحه الذي غايته حماية الإنسان، فيما نقل تحيات الأمين العام إلى السيد السيستاني"، ولفت الحسّان، إلى "الاتفاق مع سماحة المرجع على العمل المشترك في تعزيز مكانة العراق".
وأضاف، "تم التأكيد على أن المشورة التي يقدمها السيد السيستاني تحظى باحترام المبعوثين الخاصين"، منوهاً بأن "الأمم المتحدة داعمة للعراق ومساعيها باقية نحو الاستدامة والتطور، بالرغم من انتهاء حقبة اليونامي".
وتابع، أن "السيد السيستاني طلب تنفيذ الأولويات بما هو صالح للعراق، ويعزز علاقته مع جيرانه"، لافتاً إلى أن "الأمم المتحدة ملتزمة بدعم أولويات العراق وعدم التدخل إلا في المشورة"، وشدد، على "رفض المساس بالمرجعية الدينية". وبشأن غزة ولبنان، ذكر الحسّان، أن "الأمين العام أصدر الكثير من البيانات بهذا الصدد".
وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، السفير محمد الحسان، وصل أمس الاثنين، إلى محافظة النجف الأشرف للقاء المرجع الأعلى سماحة السيد علي السيستاني.
بيانات القوى السياسية
بدورها، أعلنت عدة قوى سياسية، عن دعمها لتوجيهات المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، فيما دعت إلى اعتمادها وثيقة مبادئ.
وقالت الدائرة الإعلامية للإطار التنسيقي في بيان تلقته "الصباح": "نُرحب بالبيان الصادر عن مكتب المرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني (دام ظله) عقب استقبال سماحته رئيس بعثة يونامي في العراق"، معرباً عن تقديره "العميق لما يصدر عن المرجعية العليا في النجف الأشرف، ونؤكد التزامنا الكامل بترجمة توجيهات سماحته إلى خطوات عملية تعكس تطلعات شعبنا".
ودعا البيان، "جميع المشاركين في العملية السياسية للعمل على تجسيد المبادئ التي أكد عليها سماحته، وفي مقدمتها ضرورة اعتماد الكفاءة والنزاهة في اختيار القيادات، ومنع التدخلات الخارجية بكل أشكالها ومستوياتها، وتكريس سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، والتصدي الحازم لآفة الفساد".
وأعلن حزب الدعوة الإسلامية، في بيان تلقته "الصباح"، التزامه الكامل بالتوجيهات القيّمة التي وردت في بيان مكتب المرجع الأعلى، وأكد، أن "تلك التوجيهات تعد خارطة طريق واضحة ومرشدة لبناء دولة المؤسسات وفق معايير الكفاءة والنزاهة، ولحفظ الأمن والاستقرار في البلاد في ظل الظروف الإقليمية والدولية العصيبة، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتحقيق الرفاه والازدهار لهم"، وأضاف البيان، "ندعو جميع القوى الإسلامية والوطنية والحكومة إلى صياغة برامجها وسياساتها ومواقفها في ضوء ما جاء في بيان مكتب سماحته، الذي عبّر عن المصلحة الوطنية العليا، وحدد تحديات الواقع وسبل الاستجابة لها والتصدي لأزماتها".
فيما أعلن ائتلاف النصر، عن تأييده الكامل لتوجيهات السيد السيستاني القاضية بـ(منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة).
وأكد الائتلاف في بيان، أن "هذه التوجيهات فيها مبادئ كبرى تحفظ مصالح الشعب والدولة"، لافتاً إلى أن "تأكيد سماحته على: (إدارة البلد اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم مواقع المسؤولية، ومكافحة الفساد على جميع المستويات)، جوهر الإصلاح المنشود الذي ينبغي العمل به لضمان الإدارة الصالحة والفاعلة للدولة ومؤسساتها".
كما أعرب تحالف العزم، عن دعمه الكامل لما صدر عن سماحة المرجع الديني الأعلى بشأن إدارة البلد، وشدد التحالف، "على أهمية التزام القوى الوطنية بهذه التوجهات لتحقيق مستقبل أفضل للعراق ينعم فيه الجميع بالأمن والازدهار".
فيما ذكرت قائمة جبهة "تركمان العراق الموحد"، في بيان، أنها "تدعو جميع القوى الوطنية والسياسية وأصحاب الرأي العام الوطني، إلى اعتبار توجيهات سماحة المرجع الأعلى وثيقة مبادئ تجمع كل العراقيين تحت راية واحدة، وتسهم في توحيد الجهود لإرساء الاستقرار، بما يضمن تحقيق إشراك مكونات العراق كافة في إدارة البلاد وإنصاف المكون التركماني وتحقيق المصالح الوطنية لأبناء الشعب العراقي كافة".
من جانبه، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون السياسية سبهان الملا جياد، في حديث لـ"الصباح": إن "سماحة السيد السيستاني أوضح بجلاء مواصفات وشروط دولة المواطنة التي تعتمد مبدأ النزاهة والكفاءة في اختيار المسؤولين، ولا تقوم على أساس المحاصصة الحزبية والسياسية، ويكون الجميع فيها سواسية أمام القانون، وكذلك الجميع فيها مسؤولاً عن سيادة البلد ورفض أي تدخل خارجي في شؤونه ومحاسبة من يسهل تلك التدخلات"، وأضاف، أن "دولة المواطنة يفترض أن تحتكر كل وسائل القوة بيدها ولا تسمح بوجود سلاح خارج مسؤولياتها، كذلك في مجال محاربة الفساد وإيقاف الهدر بالمال العام وغيرها الكثير".
وأكد الملا جياد، أن "تصريحات سماحة المرجع الأعلى حددت مسارات مهمة للإصلاح في كل المجالات والأصعدة، وأن الحكومة الحالية بقيادة رئيس مجلس الوزراء سارت على هذا النهج منذ تسنمها لمقاليد السلطة"، مستدركاً: "صحيح أن الحكومة تشق طريقها بصعوبة؛ لكنها في تقدم على هذا المسار يوماً بعد آخر".