حسن الكعبي
إن المواقف التي يفترض اتخاذها يجب أن تكون مواقف ردع صارم بحق الكيان الغاصب كالرد الايراني، وردود المقاومة التي ادخلت الكيان في موجة من الإرباك والقلق، ودون الاكتفاء بشعارات الادانة والتنديد والتظاهر تجاه كيان متوحش، لا يمكن أن يعترف بهذه النوعية من التوجهات المعتمدة في السلوكيات الحضارية، فالعقل اليهودي مؤمن بامتلاكه الكامل للحق وحيازته له، ومن ثم فهو لا ينصت للآخر الذي يمثل في توجهاته كيانا طفيليا يجب ازاحته.
الوحشية {الاسرائيلية} وممارساتها الجائرة واستهزاؤها بالقوانين وتماديها في استهداف المدنيين والمؤسسات المدنية والاجتماعية، وحملات اغتيال الرموز القيادية والدينية والتهديدات المستمرة باغتيالها، وارتكاب المجازر الكبرى بحق المواطنين في فلسطين ولبنان بمختلف مكوناتهم الدينية والقومية، والاعتداء على إيران واستهداف مناطقها في سياق محاولة الكيان لإدخال المنطقة في حروب الابادة، بلغت مراحل وتجاوزت حدودا لا يمكن السكوت ازاءها ، بل لا بد من اتخاذ مواقف رادعة، موازية لهذه الافعال ولما يحدث من الاعتداءات الآثمة على مواطني لبنان وغزة وتهجيرهم والحيلولة دون وصول المساعدات الانسانية والطبية لهم.
إن المواقف التي يفترض اتخاذها يجب أن تكون مواقف ردع صارم بحق الكيان الغاصب كالرد الايراني، وردود المقاومة التي ادخلت الكيان في موجة من الإرباك والقلق، ودون الاكتفاء بشعارات الادانة والتنديد والتظاهر تجاه كيان متوحش، لا يمكن أن يعترف بهذه النوعية من التوجهات المعتمدة في السلوكيات الحضارية، فالعقل اليهودي مؤمن بامتلاكه الكامل للحق وحيازته له، ومن ثم فهو لا ينصت للآخر الذي يمثل في توجهاته كيانا
طفيليا يجب ازاحته.
إن التنديد بالممارسات الوحشية الصهيونية، سواء في الفضاء العربي أو الغربي، لا يعدو كونه محاكمة لظل الكيان المحتلل أو محاكمة لخيالهه، وهو في هذا السياق يحيلنا إلى قانون ساكسونيا الغرائبي، وهو قانون كما يعرف المطلعون تم سنُّه لغرض حماية الطبقات البرجوازية المتنفذة على حساب الطبقات الفقيرة أو طبقة الفلاحين، وقصة قانون ساكسونيا تتلخص بالتالي: إنه في القرون الوسطى ومع صعود النبلاء إلى سدة الحكم في ولاية ساكسونيا الالمانية، تم تشريع قانون غرائبي يقضي بمعاقبة السارق بقطع يده والقاتل بقطع رقبته فعليا بالنسبة للطبقات الفلاحية، اما بالنسبة للنبلاء فعندما يسرق أو يقتل أحدهم فإن خياله هو من يحاكم أي أن يقطع يد ظله أو رقبة ظله.
يكمن وراء هذا القانون افتراض شبيحة الفقير وافتراض وجوده، فوجوده لا يعدو كونه وجودا موقوفا لخدمة النبلاء لا أكثر ولا أقل، والحقيقة أن القانون وعلى الرغم مما يبدو عليه كقانون غرائبي، إلا أنه في حقيقة الأمر يعبر بشكل واضح عن القانون العام، الذي يحكم العالم ويعبر عن النظرة الغربية الدونية للعرب وللشرق بشكل عام، وهو تجسيد للمنظور الهيجلي ضمن ثنائية السيد والعبد أو الأشقر المستعمر والملون المستعمر بحسب المنظور النيتشوي، فالإمبريالية الأمريكية وتبعا الكيان الصهيوني ينظران إلى الشعوب العربية والشرقية نظرة تحقيرية وككيانات طفيلية متوحشة ومتخلفة، أو على حد كارل ماركس "عاجزة عن تمثيل نفسها ولذلك فإنها يجب أن تمثل، بمعنى أن القانون متجسد في مفاصل القوانين، التي تحكم العالم وله تجليات كثيرة في حياتنا العربية، لكنه في الممارسة الغربية وسيما في ممارسات الامبريالية الامريكية ودعمها الواضح، ورعايتها الكاملة للكيان المحتل، يشكل أكبر مصاديق هذا القانون.
إن المشروع الصهيوني بصيغته الاستحواذية ينطلق من المنظور الامبريالي الشامل، الذي يعاين الشرق بوصفه مجتمعا طفيليا افتراضيا، اخترعه المخيال الغربي لذا يجب السيطرة عليه وازاحته وتمثيله، فالشرق في اطار هذا المنظور هو شرق متخلف ووحشي، لا يمتلك حق الوجود، وهي الرؤية التي تحكم توجهات الكيان الصهيوني في نظرته لفلسطين ولبنان، ولبقية المناطق التي تقع ضمن استهدافات الاحتلال، ولذا فان الموقف تجاه هذه الرؤية، وهذا التغول يجب ان يكون موقفا يوازي هذه النظرة التي تحوز شهوة الازاحة والابادة، ودون الاكتفاء بشعارات الادانات والاستهجان، كما يجب الضغط على المواقف الغربية ودفعها باتخاذ مواقف ردع حقيقية لهذا التوحش الصهيوني في سياق ابطال مفعول قوانينها المشابهة لقانون ساكسونيا في حماياتها للمصالح الصهيونية كقوانين تحاكم ظل الاحتلال الغاصب رغم ارتكابه أبشع مجازر انسانية تقتضي الاطاحة بمرتكبها وتجريمه ضمن محاكمة حقيقية إسوة بمحاكمة مجرمي الحرب أو اي مجرم اخر يتصف بطبيعة سادية.