كركوك: نهضة علي
يستأثر مشروع توطين الصناعات الدوائية، باهتمام حكومي كبير، بعد الإهمال الذي طال هذا القطاع منذ عشرات السنين، حين كان العراق يحتل مراتب متقدمة في صناعة الدواء كماً ونوعاً..
ووفقاً لوزارة الصحة، فإن الصناعة الوطنية ارتفعت إلى اكثر من 1700 صنف من الأدوية التي تحتاجها البلاد، لتغطي بذلك نسبة 35 بالمئة من مجموع الحاجة المحلية، فيما انعكس ذلك على إحياء القطاع الزراعي، بما يخص النباتات التي تدخل في صناعة الدواء، إضافة إلى مستلزمات التجميل.
في كركوك، أولت رئاسة الجامعة في المحافظة، اهتماما بمشروع صناعة الدواء، واتخذت عدة خطوات لمواكبة التطور الحاصل في هذا الملف، ولعل أبرزها استحداث كلية النباتات الطبية والصناعية في قضاء الحويجة.
وتقول التدريسية في الكلية، الدكتورة سارة البياتي: ان الكلية تمتلك رؤية لإعداد ملاكات علمية وفنية في تخصص النباتات الطبية والصناعية، وتدريس العوامل المؤثرة في نمو المركبات ذات التأثير الطبي، والتي تستخلص من النباتات الطبية، وفصل مكونات النباتات ومستحضراتها المصنعة، وتقسيم فعالياتها الطبية والصناعية".
وأضافت "تجرى بحوث طبية ودراسات من شأنها تطوير الزراعة والاختصاصات الطبية، ونطمح ليكون هناك تعاون مشترك، ما بين الكلية والدوائر المعنية بالنباتات الطبية والعقاقير، لتطوير القطاع الزراعي بما يحدث نهضة تنعكس إيجابا على قطاع الصناعة، وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي، وانعاش الاقتصاد الوطني، إضافة إلى ما تحققه هذه الخطوة في الحفاظ على الأمن الغذائي".
وتابعت البياتي أن استحداث هذا التخصص يهدف إلى تخريج ملاكات مؤهلة لإدارة المشاريع الصناعية الزراعية، منها مصانع انتاج الزيوت النباتية، ومختبرات تحليل التربة وتحاليل المياه، ومختبرات المكونات النباتية من خلال رفد الحركة العلمية، وتهيئة السبل المؤدية إلى صقل المهارات العلمية لدى طلبة الدراسات الأولية، ولتنفيذ بحوث في مجالات الصيدلة واقسام العقاقير، وتقديم الاستشارات لدوائر الدولة والقطاعات غير المرتبطة بالوزارات بالتعاون مع المكتب الاستشاري".
الحكومة، وضمن برامجها ومنهاجها الوزاري، وضعت مشروع توطين الصناعات الدوائية في سلم أولوياتها، لما للموضوع من أهمية وتماس بحياة المواطن وسلامته.
وبحسب إحصائيات رسمية، أعلنت عنها الحكومة، فإن نسبة الأدوية الوطنية ارتفعت خلال العامين الماضيين لتشكل 35 بالمئة من مجموع الدواء الملبي للحاجة المحلية، بعد أن بلغ عدد المصانع الوطنية 24 مصنعا لغاية العام 2022.
وأشارت أيضا إلى ارتفاع عدد العقود مع المصانع الوطنية إلى 805 بينها 596 عقدا في العامين الأخيرين. كما أنجزت ثمانية مصانع بشكل كامل من أصل 18 مشروعا وما تبقى منها هو قيد الإنجاز حاليا.
توظيف التقنيات
توظيف التقنيات الحديثة يحتل أولوية في خطط كلية النباتات الطبية والصناعية، لما له من دور في مواكبة التطور الحاصل في هذا المجال.
وفي هذا الصدد، يقول التدريسي الدكتور عبد المعين شبيب: "لدينا كمختصين أهداف بتوظيف التقنيات الحديثة في استخلاص وفصل وتنقية مكونات النباتات الطبية وتحديد موقع ونسبة المواد الفعالة في النبتة ذات التأثير الطبي، فضلا عن المستحضرات التي يمكن استخدامها في تصنيع الأدوية".
وأضاف لـ"الصباح" أن "الكلية تخرج ملاكات مختصة بالنبتات الطبية، وكيفية زراعتها واستخداماتها، وفوائدها للإنسان الذي يعد الساند للمجموعة الطبية، ويسهم إسهاما فاعلا في كليات الصيدلة والعلوم".
وأوضح قائلا : "لدينا مختبران واحد للدراسات العليا، والاخر للاستخلاص النباتي خاص بالدراسات الأولية، مزودتان بأجهزة استخلاص، وغيرها من الأجهزة المهمة التي تخص النباتات الطبية، والتعرف على ظروف الانتاج ومراحل نمو النبات ومكوناته من الأوراق والجذور والساق، ومرحلة جمع النبات".
يتابع شبيب، أن "مناهج الكلية تتضمن مادة أكاديمية تعنى بالنباتات السامة التي تدخل في صناعة بعض العقاقير والمنتجات الطبية، إضافة إلى وجود مزرعة لزراعة العديد من النباتات الطبية" مؤكدا عزم الكلية وسعيها لإجراء عمليات عزل النباتات والمكونات الفعالة".
وأشار إلى أن "الكلية حصلت مؤخرا على أرض بمساحة 44 دونما سيتم استثمارها في انشاء معشب طبي، بعد إجراء عملية تسوية الأرض وتوفير مصدر مياه لإجراء البحوث، واستخلاص نتائج هذه البحوث".
وبين أن "الصناعة الدوائية والدواء العشبي لا يمكن أن يعتمدا على سوق العطارة في الحصول على الأعشاب الداخلة في صناعة الادوية، لأنها منتجات غير موثوقة من جوانب طريقة الخزن والجمع، إضافة إلى احتوائها على مواد مثبطة تفسد عند تعرضها للضوء، وتصبح غير صالحة للاستخدام"، مضيفا أن هناك "تعاونا مع الصيادلة والمختصين في كلية العلوم للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال، إضافة إلى التعاون مع كليات المجموعة الطبية، وأن التجربة الأخيرة في هذا المضمار اثمرت عن نتائج جيدة لمعالجة أحد الامراض وهي في طور الاكتمال قبل الإعلان عنها".