كريسي سيكستن
ترجمة: شيماء ميران
تكتسب مبادرات زراعة الأشجار في المدن زخماً كبيراً؛ نظراً لما تواجهه من ارتفاعٍ متزايدٍ في درجات الحرارة بسبب المباني التي يستخدم فيها الخرسانة والاسفلت. وبينما يدرك الجميع الفوائد الجمة لتشجير المدن، لكن العديد من هذه المساعي تستند على التقريبات.
تقدم دراسة حديثة نُشرت في مجلة (وقائع الأكاديميَّة الوطنيَّة للعلوم الأميركيَّة) وسيلة متطورة لمساعدة مخططي المدن على وضع أهداف تشجير محددة وسليمة علمياً على مستوى المدينة.
التأثير التبريدي لتشجير المدن
تفحص الدراسة، التي قادها الباحثون "جيا وانغ" و"ويتشي تشو" و"يوغو تشيان" من الأكاديميَّة الصينيَّة للعلوم وشاركهم "ستيوارد بيكيت" عالم البيئة الحضريَّة في معهد كاري لدراسات النظام البيئي، التأثيرات التبريديَّة لأشجار المدينة على مقاييس
مختلفة.
يقول "بيكيت": "توفر الأشجار العديد من الفوائد للمدن، والتبريد إحداها. لكون الأشجار تضخُّ الكثير من الماء من الأرض الى الهواء، وعندما يتبخر الماء من سطح الورقة، فإنه يمتصُّ كميَّة هائلة من الحرارة، إنها مجرد فيزياء التبخر. كما أنَّ الظل الذي توفره الأشجار يساعد في التبريد أيضاً".
كم عدد الأشجار المطلوبة؟
ركزت معظم الأبحاث عن التأثير التبريدي للأشجار في أحياء وشوارع محددة من الناحية التاريخيَّة، على سبيل المثال، أظهرت أنَّ الزيادة في ظل الأشجار بنسبة 1 ٪ يمكن أنْ يخفض درجات الحرارة في المناطق المجاورة من 0.04 إلى 0.57 درجة مئويَّة.
يقول "بيكيت": "هذا أمرٌ نافعٌ، لكنَّ المخططين وصُنّاع القرار يفكرون في المدينة برمتها، فيتساءلون، كم تحتاج المدينة بأكملها من ظل الأشجار؟ وماذا سيحدث إذا وسعناها؟، لم تكن هذه المعلومات متاحة".
كان هدف الدراسة تقييم إمكانيَّة تطبيق النتائج من المناطق الأصغر مساحةً الى مستوى المدينة بالكامل.
لذا قام الباحثون بتحليل صور الأقمار الصناعيَّة وبيانات درجات الحرارة المأخوذة من أربع مدن (بكين وشنتشن في الصين، وبالتيمور وساكرمينتو في اميركا) وكانت ذات مناخات متفاوتة، معتدلة وشبه استوائيَّة ومتوسطيَّة.
قياس التأثيرات التبريديَّة للتشجير
قسم الفريق كل مدينة الى أقسام منقطة مقاربة لحجم كتلة المدينة. وقاموا بتقييم درجات حرارة سطح الأرض والغطاء الخضري لكل بكسل.
ثم وسع الباحثون تحليلهم الى مناطق أكبر مثل الأحياء والمدن بأكملها، لغرض قياس كيفيَّة تحول كفاءة التبريد، وانخفاض درجات الحرارة التي ترتبط بزيادة ظل الأشجار بنسبة 1 ٪، نسبة الى الحجم.
تشجير المدينة يزيد تبريدها
لقد كشفت النتائج أنَّ التأثير التبريدي لتشجير المدينة زاد مع توسع الحجم، لكن بمعدل زيادة أبطأ على مساحات أكبر.
على سبيل المثال، في بكين أدت زيادة ظل الأشجار بنسبة 1 ٪ على مستوى الكتلة الى انخفاض درجة الحرارة بمقدار 0.06 درجة مئويَّة. وعلى مستوى المدينة بأكملها، أدت الزيادة ذاتها الى انخفاض درجة الحرارة بنحو 0.18 درجة مئويَّة. ومن المرجح أنَّ الفائدة الإضافيَّة ناتجة عن مساحاتٍ أكبر من التشجير، والتي تعمل بأجمعها على تحسين
التبريد.
يقول "ويتشي تشو": "لقد وجدنا أنَّ كفاءة التبريد تتبع قانون القوة عبر المقاييس، من مربع مساحته 120م × 120م الى مناطق كبيرة تغطي المدينة بأكملها. تبقى العلاقة في المدن الأربع ضمن الدراسة ذات المناخات المختلفة مستمرة، ما يشير الى إمكانيَّة استخدامها للتنبؤ بكميَّة الغطاء الشجري الإضافي اللازم لتحقيق أهداف محددة لخفض ارتفاع درجات الحرارة، والتكيّف مع المناخ في المدن
في جميع أنحاء العالم".
التاثير في تخطيط المدينة
تقدم نتائج الدراسة لمخططي المدن وسيلة فعالة لتحديد مساحات ظل الأشجار على مستوى المدينة بهدف خفض درجات الحرارة الشديدة.
على سبيل المثال، قدّر الباحثون أنَّ درجات حرارة سطح الأرض في مدينة "بالتيمو" يمكن أنْ تنخفض 0.23 درجة مئويَّة بزيادة منطقة ظل الأشجار بنسبة 1 %. وللوصول الى خفض درجة الحرارة الى 1.5 درجة مئويَّة ستحتاج المدينة زيادة منطقة ظل الأشجار الى 6.39 %.
وبينما تعدُّ هذه المعلومات ثمينة جداً ومهمة في اتخاذ القرارات على مستوى عالٍ، حذر "بيكيت" من أنَّها ليس بالضرورة أن تكون حلا يناسب الجميع.
كما يوضح أنَّ "هذه الدراسة لا تخبرك أين تضع الأشجار. هذا تحليلٌ من نوعٍ آخر يجب أنْ يتضمن مزيداً من المعلومات الاجتماعيَّة وإشراك المجتمعات وأصحاب الممتلكات والأراضي".
عن موقع earth.com