وليد خالد الزيدي
لم تعد قضية مكافحة الفساد المالي والاداري في بلدنا مَهَمة الحكومة وحدها، بل إنها مهمة منظومة سياسية متكاملة ومترابطة، بعد أن تشعبت السلطات وكثرت الجهات الفاعلة وتعددت الصلاحيات في مختلف الأنظمة الديمقراطية والدول الدستورية، لا سيما أن المبدأ الأساس في انبثاق هذه الانظمة هو تصويب العمل الحكومي والحفاظ على سلامة سيره ضد أي شكل من أشكال الفساد والتلاعب في حرمة المال العام، الذي ينعكس حتماً، وبشكل سلبي، على هياكل الإدارات المؤسساتية ونظامها السياسي، وبما يتسبب - في حال وجود اي خلل في مكوناته الأساسية- بخرق ينخر جسد تلك المنظومة وبالتالي تحدث انعكاسات سلبية على مختلف المستويات في الدولة، فضلا عن ذلك كله تأثيراته على وضع الاقتصاد بسبب الضرر الذي يحصل بالموارد المالية وثروات البلاد، التي هي اساساً ثروة الشعب، وهي في حكم المؤكد تكون حصة المجتمع وحق جميع فئاته وافراده وليس ملكاً مشاعاً لفئة دون سواها. وهنا لابد من التسليم بأن سيادة قيم النزاهة في العراق يجب ان تتوسع في مفهومها من مهمة حكومية إلى مهمة سياسية عامة تشترك فيها جميع الجهات السياسية والقوى الوطنية كالبرلمان والأحزاب المؤتلفة والهيئات المستقلة المنضوية تحت لواء النظام السياسي برمته.
وهنا، لا مناص من العمل على تعضيد كل الجهود التي تقوم بها الحكومة أو أية جهة أخرى في تطبيق سيادة النزاهة، واستبعاد وإزالة أي تشكيك أو خداع أو غموض في تلك القضية المهمة، واستبدالها بمبدأ الوضوح والشفافية، الذي يعطي الحق لجميع المواطنين في التمتع بحقوقهم المشروعة في المال العام، سواء على مستوى سلامة أعمال تنفيذ المشاريع الحكومية والخدمات، أو العدالة في اتخاذ القرارات ووضع السياسات والتشريعات، لتعم الشفافية تفاصيل تلك الأعمال وجميع المهام على طريق وضع مبادئ ومقاييس واضحة من شأنها تعزيز الفهم بأهمية محاربة الفساد وتسييد النزاهة وتطبيق الشفافية، وتلك الأمور تكمن في الأداء السليم لعمل المؤسسات الرسمية وتحقيق المصلحة العامة والحد من الفساد بأنواعه ومحاربته في تلك المؤسسات، كما تهدف إلى تحقيق سلامة المجتمع وأمانه، وترسّخ وتنمية شعور المواطنة لدى كل أبناء المجتمع في بلدنا.