محمد علي الحيدري
تتساءل الأوساط السياسية في الولايات المتحدة وخارجها عن نمط العلاقات الخارجية، التي ينوي الرئيس المنتخب دونالد ترامب إعادة صياغتها ورسمها، وهل أنها ستختلف عن مثيلتها في ولايته الأولى أم لا؟
ومن المؤكد أن تتركز أنظار المراقبين لملفات السياسة الخارجية الأميركية في ظل إدارة ترامب المقبلة على ملف العلاقات الإيرانية الأميركية لأسباب سياسية وأمنية عديدة، إذ يتوقع المحللون أن تشهد الفترة المقبلة في هذه العلاقات تصعيدًا في التوترات والضغوط، بناءً على مواقف ترامب السابقة تجاه إيران خلال سنوات ولايته الأولى من جهة، وخلال حملته الانتخابية التي أعادته للبيت الأبيض من جهة أخرى.
فالرئيس ترامب كان قد انسحب من الاتفاق النووي في عام 2018 الذي اعتبره في حينها "أسوأ صفقة على الإطلاق"، وفرض سلسلة عقوبات اقتصادية صارمة على إيران، استهدفت قطاعات النفط والبنوك والصناعات، كما نفذ ضربة جوية في بغداد مطلع عام ٢٠٢٠ اغتال خلالها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني مما أدى إلى توتر العلاقات بشكل كبير، وشهدت فترة رئاسته أيضا مواجهات عسكرية غير مباشرة بين القوات الأميركية والإيرانية في منطقة الخليج، بما في ذلك إسقاط ايران طائرة أميركية بلا طيار في حزيران من عام ٢٠١٩.
وجميع هذه التوترات الضاغطة من الجانب الأميركي كانت تهدف لتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، ودفع القيادة الإيرانية للتفاوض على اتفاق نووي جديد بشروط أكثر صرامة، وقبول دور إقليمي أقل نفوذا.
وخلال حملته الانتخابية لم يغير الرئيس الجمهوري المثير للجدل من لهجته السابقة تجاه طهران، وحمّلها في أكثر من مناسبة مسؤولية التدهور الأمني والعسكري في الشرق الأوسط عبر دعمها جماعات مسلحة في عدد من البلدان تسعى لتقويض إسرائيل وضرب المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.
وفي سبتمبر أيلول الماضي، صرح ترامب بأن هناك تهديدات حقيقية ومحددة من قبل إيران على حياته الشخصية، وهو موقف يدل بوضوح على أنه يضع الملف الإيراني على جدول الأولويات.
وانطلاقا من تصريحاته الأخيرة فإن محللين سياسيين أميركيين وغربيين يتوقعون أن يستمر ترامب في سياسة "الضغوط القصوى" على إيران، من بينها فرض عقوبات جديدة أو تشديد العقوبات الحالية كما أن المنطقة قد تشهد تصعيدًا، إضافيا في التوترات العسكرية، خاصة في ظل الدعم المؤكد من الرئيس المنتخب لإسرائيل ورؤية رئيس وزرائها بنيامن نتنياهو بشأن مواجهة التهديدات التي تتعرض لها الدولة العبرية وفي مقدمتها التهديدات الإيرانية وامتداداتها.
وهناك من نقل عن مقربين من الرئيس ترامب أن هناك إمكانية لإعادة التفاوض على الاتفاق النووي رغم التصعيد المرتقب، وقد تسعى إدارته المقبلة إلى إعادة التفاوض على الاتفاق بشروط مغايرة، مع التركيز على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني والسياسات الإقليمية وحجم التأثير الإيراني فيها.
ووفقًا لدراسة نشرها معهد واشنطن أشار الخبراء إلى أن إدارة ترامب قد تتخذ إجراءات أكثر حزمًا وقوة لاحتواء التهديدات الإيرانية، بما في ذلك تعزيز العقوبات الاقتصادية وزيادة الضغوط الدبلوماسية.
بالمقابل وحسب معهد واشنطن فإن إيران كانت أطلقت " في أيّار/ مايو 2019، حملة ضغط مضادة ردّاً على سياسة الضغط القصوى التي تمارسها الولايات المتحدة، بهدف حثّ واشنطن على تخفيف العقوبات أو رفعها. وقد استخدمت هذه الحملة على نطاق واسع تحركات تصبّ في "المنطقة الرمادية" بين الحرب والسلام".
وفي الفترة الرئاسية الثانية لدونالد ترامب، من المتوقع أن تشهد العلاقات العراقية الأميركية تغييرات ملحوظة، بناءً على تحليل من مصادر متعددة.
عسكريا من المحتمل أن يستمر ترامب في تقليل الوجود العسكري الأميركي في العراق، كما فعل خلال فترته الأولى وربما يبدي مرونةً في التعاطي مع مخرجات أعمال اللجنة العسكرية العليا بين البلدين رغم أن بعض مراكز البحث الأميركية تتفق مع مخاوف لدى البنتاغون من أن تقليص عديد القوات الأميركية المتبقية في العراق، يثير تساؤلات حول قدرة العراق على مواجهة التحديات الأمنية بمفرده.
وبحسب تقرير لموقع إكسيوس فإن من المتوقع أن يستمر التعاون بين الولايات المتحدة والعراق في مجال مكافحة الإرهاب، وقد تقدم الولايات المتحدة في ولاية ترامب الجديدة دعمًا استخباراتيًا ولوجستيًا متواصلا لبغداد، لكن بطرق جديدة تتناسب مع تقليل الوجود العسكري.
من جهة أخرى فإن النهج الذي سيعتمده الرئيس المنتخب مع إيران سوف يؤثر في العراق بشكل مباشر، نظرًا للعلاقات الوثيقة بين بغداد وطهران.