طالب سعدون
الوطن أو الموت، الأرض أو الموت، ثنائيَّة متلازمة لا انفصام بين طرفيها، ثنائيَّة تليق بالأبطال الوطنيين وتنطبق على المقاوم في أي مكانٍ في العالم يدافع عن وطنه ويسترخص روحه في سبيله ولن يستريح إلا في موته أو في تحقيق الاستقلال وطرد المستعمر من أرضه.
الوطن أو الموت متلازمة قالها جيفارا قبل ستين عاماً أمام الأمم المتحدة (1964) لتكون عُرفاً وطنياً شعبياً عالمياً للمقاومة في كل بلاد تخضع للاحتلال.
وجاءت معركة الطوفان الخالدة لتؤكد فعل هذه الثنائيَّة ولا خيار للأحرار في غيرها وإنَّ المقاومة الشعبيَّة هي الطريق الحقيقي للتحرير في غياب الفعل الرسمي للأنظمة الحاكمة بعد أنْ انخرط أغلبها في التطبيع وألزم نفسه باتفاقات مع الكيان الصهيوني الذي استغلها ليزداد في تماديه وطغيانه وانفراده بالمقاومة التي زادها تعنته إصراراً على تحقيق هدفها بتحرير الأرض وتطهيرها من دنسه.
اتفاقاتٌ تسمى مجازاً سلاماً انتهت الى ما انتهى إليه الطغيان الصهيوني على مدى أكثر من سنة باستشهاد أكثر من 41 ألف فلسطيني وجرح أكثر من مئة آخرين وأمهات ونساء ثكالى وأيتام صغار وفتيان أضعاف هذه الأعداد وهؤلاء مشاريع جاهزة للمقاومة تضمن استمرار خط سيرها الى نهايته، سيأخذون بثأرهم ويحررون أرضهم وهم في حلٍ من أي وثيقة استسلام. إنَّه جيلٌ جديدٌ من أبطال المقاومة لم يؤمنوا باسطورة التفوق الصهيوني ولم ينخدعوا بالشعارات ولن يصدقوا الكذبة التي طبلوا لها كثيراً وانتظرها من انخدع بها كل هذه المدة الطويلة ويرددها البعض الآن وهي (حل الدولتين)، بينما يعمل نتنياهو وشلته البائسة ضد هذا الشعار الزائف ويعمل على إخلاء الأرض من أهلها.
جيلٌ جديدٌ يعرف أهداف هذه اللعبة لكنها انطلت على الحكام كل هذه السنين وأخذوا يرددونها في قممهم واجتماعاتهم من دون أنْ يسمع العدو كلامهم ولا يستجيب لأحلامهم.
خداع وكذبة ولعبة استمرت كل هذه السنين الطويلة ولن يصدقها أحد.
الأرض أو الموت قالها جيفارا في الأمم المتحدة، ذلك المنبر الدولي الذي وجد على أساس أنْ يحقق السلام والأمن والاستقرار ويقف مع الشعوب لتحرير أراضيها من المستعمرين.
وقالها الأبطال الفلسطينيون في غزة ولبنان وقدموا آلاف الشهداء والجرحى على مدى سنة وأكثر في ملحمة خالدة أنهوا بها - الى الأبد - أسطورة التفوق العسكري والتكنولوجي الصهيوني ولاحقوا العدو في عقر داره وأصبحت (أرضه كلها) بعد الطوفان في متناول المقاومة ولم يسلم حتى منزل نتنياهو من القصف لتحقق المقاومة بذلك طفرة نوعيَّة في الهدف ونصراً عسكرياً لأول مرة في تاريخها بملاحقة العدو في مقره الرسمي وهو في منطقة محصنة جداً لتحقق تفوقاً آخر تقدمت به على العدو واخترقته وفشلت أمامه كل أنظمة الدفاع الصهيونيَّة التي تشدقوا بها كثيراً (القبة الحديديَّة) و(مقلاع داود) و(ثاد) وقد كلفته المليارات الكثيرة.. اخترقوها وانتصروا عليها بمسيرة لا تكلف سوى آلافٍ قليلة من الدولارات.
كانت رسالة بليغة لكل الصهاينة في كامل كيانهم بأنهم لم يكونوا بمأمنٍ من فعل المقاومة وتلاحقهم في كل شبرٍ من هذا الكيان وبكل جهاته، كيانٌ صغيرٌ هشٌّ لا يرتبط من يسكن فيه برابطة مع الأرض، جمعٌ من شتات، خلاف الإنسان الذي يرتبط بالأرض التي تمتدُّ جذوره في أعماقها طويلاً ويستمدُّ صفة المواطنة منها عبر تاريخٍ طويلٍ يمتدُّ عبر آلاف السنين.
قالها جيفارا وليته يرى اليوم حال المنظمة الدوليَّة التي ألقى كلمته فيها، كيف أصبحت أداة بيد الأمبرياليَّة في قهر الشعوب المتطلعة للتحرر والاستقلال والحريَّة من خلال الفيتو الذي استغلته الصهيونيَّة في دعم كيانها.
ومع ذلك النصر للمقاومة طال الزمن أم قصر، وهي الأمل في التحرر والاستقلال.
وأمامنا من التجارب الكثير.