اسمي عبير، أعيشُ في قطاع غزة، هذا القطاع الذي يتعرضُ دائماً للقصف العشوائي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. حياتنا في قطاع غزة ليست آمنة، ففي أي ثانية قد تجد قذيفة تسقط على منزلك فتحوله الى كومة من الرماد، هذا الأمر، من شأنه أنْ يحّول الإنسان من الداخل الى جمادٍ ليس به أي روح، إذ إنَّ الكثير من سكان القطاع يعانون من مشكلات نفسيَّة بسبب ذلك، وأنا واحدة من الكثيرين الذين تعرضوا لها.
في العام 2014، تعرض المنزل الذي أعيش فيه رفقة زوجي الى القصف من قبل قوات الاحتلال الغاشم. تدّمر تماماً ولا ندري ماذا نفعل، فصارت شخصيتي بعد هذا الحدث انطوائيَّة، وأصبحت أنظر الى المستقبل نظرة مليئة بالتشاؤم، وجعلتني حالتي النفسيَّة السيئة أمحو كلمة الأمل من حياتي، واضطررت كغيري ممن تعرضوا للقصف أنْ أبحثَ عن منزلٍ آخر، ولأننا لا نملك ثمن شراء المنزل قمنا باستئجار شقة. ولم تكن هذه هي مشكلتي الوحيدة، فحتى هذه اللحظة لم تتم إعادة إعمار منزلنا بحجة أنه مقامٌ على أرض مملوكة للحكومة.
ما حصل أثّر كثيراً في صحتي النفسيَّة، فمع أنَّ القانون ينصُّ على أنَّه من حقنا الحصول على مبلغٍ من المال يطلق عليه (بدل إيجار)، إلا أنَّ هذا أيضاً لم يحدث. وبسبب ذلك تراكمت ديون الإيجار علينا، فزوجي أصبح عاطلاً عن العمل، والأوضاع المعيشيَّة والاقتصاديَّة أصبحت أصعب.
بدأت حياتي تتغير الى الأفضل عندما نصحتني صديقتي لحضور إحدى حلقات الدعم النفسي التي تقدمها إحدى الجهات الحكوميَّة. في الحقيقة كنت بحاجة لعلاجٍ حالتي، إذ أصبحت أبكي طوال الليل على حالي ووصلت الى مرحلة من الاكتئاب والإحباط لم أصل إليها من قبل، قلت في نفسي لماذا لا أجّرب هذه الجلسات لعلها تعيد إليَّ ما سلبته الحياة من يدي وهي صحتي النفسيَّة. كنت أريد أنْ أسمع أي كلمة تعيد إليَّ الأمل وتجعلني إنسانة متفائلة تنظر الى الحياة على أنها مجرّد مواقف، وأنَّ علينا مواجهة الظروف مهما كانت قاسية.
حين جاء دوري للتحدث عمَّا أشعر به، لم أقل كلمة واكتفيت برسم وردة كانت بمثابة الأمل والتفاؤل الذي أفتقده في حياتي. بعد عدة جلسات تحسنت حالتي النفسيَّة كثيراً، شعرت بأني عدت الى الحياة من جديد، فقد تمكنت هذه الجلسات من استخراج الطاقة السلبيَّة داخلي وتحويلها الى طاقة إيجابيَّة وفتحت لي الحياة ذراعيها، أيقنت لحظتها أنَّ الاهتمام بالصحة النفسيَّة هو السبيل لخلق النجاح في الحياة.