بغداد: عواطف مدلول
في وسط يوم عمل طويل، تكرر رفل أحمد شكواها من أعراض صحية رغم أنها في بداية الثلاثينيات. تثير هذه الشكاوى تساؤلات زملائها: لماذا يعاني جيلها رغم نشاطه؟ ترد رفل ببساطة: "نحن جيل مختلف، جيل هذا الزمن لا يشبه شباب الماضي الذين كانوا أصحاء أكثر." فما هي الأسباب وراء هذا الفارق؟
بيئة ملوّثة
ترجع رفل معاناتها إلى عدة أسباب رئيسة، أولها البيئة الملوثة التي تحتوي على سموم وكيميائيات تؤثر في الصحة يوميًا.
إضافة إلى ذلك، تشير إلى التغيرات الكبيرة في أنماط الحياة، قائلة: "أصبحنا نتناول أطعمة مصنعة مليئة بالمواد الكيميائية والهرمونات، والوجبات السريعة جزءٌ من حياتنا اليومية، والنتيجة؟ المزيد من الأمراض المزمنة."
ولا تتوقف المعاناة عند هذا الحد، فالضغوط الاجتماعية والاقتصادية أصبحت تشكل عبئًا نفسيًا هائلا على كثير من الشباب.
التوتر المستمر والتعامل مع
الأزمات اليومية، أسهم في
تدهور الصحة النفسية، ما انعكس بدوره على الصحة الجسدية،
ليخلق حلقة مفرغة من المعاناة.
الرياضة ليست كافية
على الرغم من حرص ليث عزيز على ممارسة الرياضة بانتظام واتباع نظام غذائي صحي، إلا أنه يجد نفسه مصابًا بالأمراض بشكل متكرر.
"أنا دائمًا ألتزم بالنظام الصحي، لكن يبدو أنني لا أملك المناعة الكافية،" يقول ليث، الذي يرفض اللجوء إلى الأدوية معتقدًا أن آثارها الجانبية أكثر ضررًا من
فائدتها. ويقارن حالته الصحية بحالة أفراد أسرته الأكبر سناً، الذين وُلدوا في السبعينيات، مؤكداً أنهم كانوا أكثر نشاطًا وأقل عرضة للأمراض.
ضعف المناعة
الدكتور مناف الطائي، اختصاصي التغذية والدواء، يقول: إن "الشباب اليوم يواجهون مشكلة ضعف المناعة بشكل ملحوظ، وذلك يعود إلى العادات الغذائية السيئة، إذ إن معظم هؤلاء يستهلكون أطعمة مشبعة بالدهون والسكريات، ما يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض مثل التهاب القولون والسمنة المبكرة.
ويضيف أن هذه الأنماط الغذائية غير الصحية، تؤدي إلى تراكم الأمراض المزمنة بشكل أسرع
مما كان عليه الحال في الأجيال السابقة.
القاتل الصامت
المعالج النفسي الدكتور وسام الكبيسي، يرى ان القليل من الرياضة وتغيير النظام الغذائي يلعب دورا في تحسين صحة الشباب، لكنه يشير الى هناك جانباً آخر يغفل عنه الكثيرون، وهو الضغوط النفسية، فالشباب اليوم يعيشون تحت ضغط هائل، حيث تزداد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وتؤثر بشكل مباشر على عمل الجهاز العصبي والغدد، ما يؤدي إلى اضطرابات صحية خطيرة، مثل السكري، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم.
ويحذر الكبيسي من أن العزلة الاجتماعية التي يلجأ إليها بعض الشباب لتخفيف الضغط النفسي قد تكون كارثية، مؤكدا ان الابتعاد عن الناس والتفكير في المشاكل وحيدا يعمق المشاعر السلبية ويؤدي إلى تفاقم الأمراض.
وسائل الاتصال
إضافة إلى الضغوط النفسية والعادات الغذائية السيئة، تلعب الثورة التكنولوجية دورا أساسيا في تدهور صحة الشباب.
ووفقا للكبيسي، فإن العديد من الشباب يقضون ساعات طويلة أمام شاشات الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، ما يسهم في تدهور صحتهم البدنية والنفسية، وهي أحد عوامل العزلة الاجتماعية والانفصال عن أسلوب الحياة الصحية الذي كان يتبعها الأجداد.
وينصح الكبيسي، الشباب باللجوء الى التغيير السلوكي بشكل جذري، من خلال تطوير مهارات التكيف مع الضغوط اليومية، واتباع روتين صحي منتظم، مؤكدا على الشباب التركيز على صحتهم النفسية والجسدية.