الحياة الجامعيَّة.. رحلةٌ لاكتشاف الذات وتنمية المهارات الاجتماعيَّة

ولد وبنت 2024/11/25
...

 بغداد:  بنين رعد


قضاء عدة سنوات في الجامعة لا يقتصر على اكتساب العلم فحسب، بل يعد تجربة مهمة تسهم في بناء شخصية الفرد، فهي مرحلة انتقالية حاسمة بين المراهقة والبلوغ، حيث يجد الطالب نفسه غارقاً في بيئة تعليمية واجتماعية جديدة تماما، ويتفاعل مع أشخاص من خلفيات ثقافية وأيديولوجية متنوعة، ما يفتح أمامه آفاقا واسعة للتفكير النقدي ويشعل فتيل التطور الشخصي. 

وتقول الطالبة في جامعة بغداد، عذراء حازم: " لا يوجد شبه بين عذراء قبل الجامعة وعذراء مع اقتراب موعد تخرجها، فأنا أشعر اليوم بأنني أصبحت شخصا آخر أكثر ثقة بنفسه.

وتضيف "المجتمع الجامعي برأيي، هو أكثر مجتمع يُعرّف الإنسان على نفسه وعلى أخطائه، وعلى اختيار الأصدقاء. وبينما كنت أقدر نفسي قليلا وأحبها قليلا، أصبحت نفسي اليوم أولى من الآخرين، وأن كل شخص دخل حياتي من زملائي في الجامعة أثرّ بيّ ولو بنسبة قليلة.

وتؤكد عذراء، وهي طالبة مرحلة رابعة في كلية الاعلام "اهم ما تعلمته في الجامعة، الاعتماد على النفس. كنت قبلها خجولة، أخشى الاختلاط، أتوتر بالحديث مع الآخرين، أكره الخروج وحدي، لكن بعد هذه السنوات، تغيرت جذريا وأصبحت أعتمد على نفسي في كل صغيرة وكبيرة".

من جانبه، تحدث الطالب قتيبة باسم، قائلا "الجامعة قدمت لي فرصاً مهمة لتوسيع مفاهيمي وأفق تفكيري.. فعلى سبيل المثال، عندما كنت أتناقش في موضوع معين سابقاً، كان تفكيري محصورا بجوانب ضيقة، أما الآن أصبحت لدي القدرة الكافية على المناقشة والمناورة تحت أي ظرف أو موقف وفي مختلف المواضيع". ويضيف "هذا التطور شمل أيضا حضوري ومواجهتي الجمهور، ففي البداية، دخلت الجامعة وانا املك بعض المهارات، لكن بفضل تجربتي خلال هذه السنوات، أضافت لي الكثير، فقد نجحت في تعزيز مهاراتي، وصقلها بشكل أفضل، بالجامعة منحتني بيئة للتطبيق العملي، وزادت من ثقتي بنفسي، وفتحت لي المجال للتعرف على أفكار وآراء جديدة، ما اسهم فـي توسيع دائرة معرفتي".

ويختتم باسم حديثه بالقول "قدمت أعمالاً كثيرة، ولم أقف عند حدود المعلومة، وكل ذلك كان اجتهادا شخصيا، وطموحاً لأكون بالمستوى الذي يرضيني".

في هذا الصدد، يحدثنا  الباحث الاجتماعي احمد مهودر، إن تفاعل الطالب مع البيئة الجامعية غالباً ما يؤدي إلى تعميق القيم والمبادئ، فالجامعة تشجع على التفكير النقدي وتحليل المعلومات ما يساعد الفرد على تكوين وجهات نظر خاصة وقناعات مبنية على المعرفة والالتزام.

ويضيف "ان احترام القوانين الجامعية، يعزز من أخلاقيات الطالب،  كما أن التطور الأخلاقي والانخراط في الأنشطة الاجتماعية والخيرية داخل الجامعة يسهم الى حد كبير في تنمية الشعور بالمسؤولية".

وبذلك، يقول مهودر، إن "الجامعة ليست فقط مكاناً لتلقي العلم، بل هي بيئة اجتماعية غنية توفر فرصاً كبيرة لتطوير مهارات الحياة، وتمكّن الطالب من الاستفادة من العلاقات والمواقف في تعزيز المهارات الاجتماعية، فالتفاعل مع زملاء الدراسة وأعضاء هيئة التدريس يساعد على بناء مهارات الاتصال والعمل الجماعي، وإنشاء شبكة دعم اجتماعية ومهنية، وقد يكون ذلك مدخلاً للحصول على فرص عمل في المستقبل".