قبل سنوات. قال لي أحد الأصدقاء إن أحدهم استطاع أن يخرج روحه من جسده ليرى نفسه، فأحسست أن خفقان قلبي تسارع وجاءتني أفكار، كأنني سوف أموت ورأيت الدنيا سوداء. ومن يومها بدأت أخاف من الحياة وأخاف أن أشاهد نفسي في المرآة، وعندي كوابيس وأحس أني سوف أموت. وصرت لا أستطيع الجلوس لوحدي في أي مكان، وإذا عرفت بأني جالس لوحدي فإنني أشعر بضيق شديد وأن روحي سوف تخرج من جسمي وخفقان قلبي يتسارع حتى أني أحس بلساني يبدأ يتصلب. وصرت لا أستطيع أن أقرأ آيات القرآن التي فيها ذكر عن الموت والبعث والعالم الآخر.
ذهبت لأطباء نفسيين، وكنت خائفاً من الحبوب المهدئة أن تدمرني أو أعيش طول عمري وأنا استخدمها ولا أجد عليها التحسن المطلوب. فذهبت إلى مشايخ وسحرة، وكل واحد قال لي إن عندي مرض غير الأول، فمنهم من قال إني مسحور ومنهم من قال إن حالتي سببها القرين، وبعضهم قال إني ممسوس من الجان، وهذه الفكرة مسيطرة عليّ الآن مع أنهم لما قرؤوا عليّ الرقية الشرعية لم أنصرع ولم أحس بأي تغيير. حتى أني ذهبت إلى أحد المشايخ قبل أيام وقال لي إنه لا يوجد عندي مس ولا جان ولكني عندي يقين كبير أن عندي مساً بسبب وجود صداع دائم في رأسي. ووقت غروب الشمس أحس بتعب شديد إذا كنت خارج المنزل. وإذا ذهبت لمكان فيه جمع من الناس فإني أحس بدوخة وتعب وخوف يصاحبها خفقان.
حياتي تدهورت يا دكتور وحالتي النفسية تؤثر في عبادتي وعلاقتي مع زوجتي ومع زملاء العمل. ولا أستطيع أن أصلّي بسهولة مثل الناس ولا أقدر أن أقود سيارتي بمفردي، وإن رأيت نفسي في المرآة. ينتابني الخوف بأنني سأموت بعد لحظات. ساعدوني أرجوكم وبارك الله في جهودكم.
أبو طه - بغداد
الأخ أبو طه
أحلنا رسالتك إلى استشاري الطب النفسي والمعالج المعرفي السلوكي في لندن، الدكتور صالح ضمد، وإليك نص إجابته:
الأخ صاحب الرسالة
الهلع الذي تعاني منه هو نوع من القلق، منتشر بين الناس بواقع واحد من كل عشرة. وهو نظام حماية للجسم لا يمكن أن يؤذي، وليس خطراً على الإطلاق مع أن بعض الأشخاص يتصورون أنهم سيموتون أو يصابون بسكتة قلبية بسبب الهلع.
وتتمثل أعراض الهلع بالذعر والارتباك والخوف الشديد من الموت، و خفقان، وتعرّق، ورعشة، وزيادة التنفس، وخدر الجلد، وغثيان، وجفاف الفم، والدوار، والشعور بالاختناق، وآلام في الصدر. تبدأ بصورة مفاجئة وتتطور بسرعة، فضلاً عن هروب المصاب من الأماكن المزدحمة أو التي يتوقع حدوث الهلع فيها، لاعتقاده أنها تقلل من هلعه، لكنها في الحقيقة تعزز الخوف منه وتؤدي إلى استمراره.
وللهلع أسباب متنوعة منها ما هو أمراض عضوية مثل إفراط الغدة الدرقية، وهبوط السكر، والإفراط في المنبهات: الكافيين في الشاي، والقهوة والمشروبات الغازية، والتدخين، فضلاً عن الإجهاد النفسي والتعرض لصدمة مؤلمة.
وهنالك طريقتان لعلاج الهلع، أما بمضادات الاكتئاب يحددها الطبيب المعالج، أو بالأسلوب المعرفي السلوكي بحوار كلامي بين المريض والمعالج.
وللتخلص من هذه الحالة، عليك القيام بطريقة (التعرّض التدريجي) على النحو الآتي:
أولاً: اعمل جدولاً من حقلين، وضع في الأول الأماكن والمواقف التي تتجنبها مثل: الجلوس وحدك، وقيادة السيارة بمفردك. وضع في الثاني درجات من صفر إلى 100 تقيس درجة تجنبك مبتدئاً بالسهل إلى الصعب فالأصعب.
ثانياً: عرّض نفسك لهذه المواقف والأماكن بشكل تدريجي والالتزام بالآتي:
• البدء بالأماكن التي تسبب الخوف بنسبة 50 %
• البقاء بالمكان حتى يخف الخوف منه بنسبة 50 بالمئة
• تكرار المحاولة لمرات عدة في الأسبوع إلى أن ينخفض الخوف ويتوقف تماماً.
• التعّرض إلى الموقف الأكثر صعوبة من الأول و بالطريقة نفسها.
• ممارسة تمارين للسيطرة على نبضات القلب في حالة الخوف، بأن تسترخي وتتنفس ببطء و عمق وتعدّ إلى ثلاثة أثناء الشهيق، لترتفع ببطنك أثناءه وستنخفض نبضات القلب و تعطيك سيطرة على الهلع.
نكرر لك بأن حالتك ليست سحراً أو مساً إنما هي حالة هلع و علاجها يعتمد على إصرارك والتزامك بالإرشادات والنصائح التي ذكرتها لك.
مع أمنياتي لك بالشفاء التام.
الدكتور صالح ضمد – لندن