العراق يرحّب بوقف إطلاق النار ويجدد دعمه للبنان
بغداد/الصباح: شيماء رشيد
أعرب العراق بهيئاته الرسمية والسياسية والشعبية، أمس الأربعاء، عن ترحيبه بإعلان وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني، مجدداً تأكيده على دعم لبنان حكومة وشعباً في سبيل إعادة الاستقرار والسلام وإنهاء آثار العدوان، بينما أشادت جهات برلمانية بالجهود العراقية المتواصلة منذ أشهر لتحقيق السلام وفرض معادلة الدبلوماسية بمواجهة التعنت الصهيوني.
وذكرت وزارة الخارجية، في بيان تلقته "الصباح" أن "العراق يدعم بشكل مستمر حكومة لبنان وشعبه، وحرصه على تعزيز الاستقرار في المنطقة"، مشددة على "أهمية تكثيف الجهود الدولية لضمان تجنب تصعيد جديد وتأمين حياة كريمة للشعب اللبناني".
وفي الوقت ذاته، دعت وزارة الخارجية، المجتمع الدولي إلى "اتخاذ خطوات جادة وعاجلة لوقف المجازر والاعتداءات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والعمل على إنهاء المعاناة الإنسانية التي تفاقمت جرَّاء التصعيد العسكري المستمر"، وجددت الوزارة تأكيدها "موقف العراق الثابت والداعم لجميع الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار". من جانبه، قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، في بيان تلقته "الصباح": إنه "في الوقت الذي نُعرب فيه عن ترحيبنا بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان، وإشادتنا بالمساعي الدبلوماسية الدولية التي بُذلت خلال الأيام الأخيرة لإنضاج هذا الاتفاق، فإننا نؤكد أن الميدان الذي ارتوى بدماء الشهداء، وعُمِدّ ببطولات المقاومين وثباتهم، وبصمود الشعب اللبناني العزيز، قد شكّل كلمة الفصل في إرغام الكيان على إيقاف عدوانه وجرائمه". وأضاف "أننا وإذ ندعم هذا الاتفاق الرامي لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة، نُجدد دعوتنا إلى المجتمع الدولي لتكثيف جهوده ومساعيه من أجل التوصل إلى إيقاف للعدوان في غزة، وإيجاد حلٍّ عادل وشامل للقضية الفلسطينية". وطالب المندلاوي، "بتحرك عاجل لإغاثة المنكوبين في فلسطين ولبنان، ومعالجة المصابين"، مشدداً "على مراقبة مدى التزام العدو الصهيوني باتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، ومواصلة الضغط عليه لكبح دمويته ووحشيته وتعطشه للدماء".
الصدر والحكيم
زعيم التيار الوطني السيد مقتدى الصدر، قال في تغريدة تابعتها "الصباح": "الحمد لله الذي ردّ كيد الطغاة الفاسدين عن المؤمنين ونسأل الله أن يحمي الحبيبة لبنان وجنوبها الباسل ويحفظ شعبها من كل سوء وتنعم بالأمن والأمان بفضل الله سبحانه وتعالى وجهود الخيرين من أبنائها وأحرارها وشهدائها وجيشها وقواتها الأمنية الوطنية البطلة بلا تدخلات خارجية لا أميركية ولا فرنسية، فلبنان حرّة أبيّة يكاد صبر شعبها وجهاده يضيء ويفيء على كل أحرار العالم".
وأضاف: "السلام على الأباة واللعنة على الطغاة، فالأباة استلهموا صبرهم من إمامهم الحسين، والطغاة يقتفون أثر قاتليه، فطوبى لمن أبى الذلّ وويلاً للمستكبرين والمطبّعين ومن والاهم وسكت عنهم إلى يوم الدين".
من ناحيته قال رئيس تيار الحكمة الوطني، السيد عمار الحكيم، في بيان تلقته "الصباح": إن "إعلان وقف إطلاق النار في لبنان تعبير عن ذلك الصمود الأسطوري لشعب لبنان والمقاومة الإسلامية"، مبيناً أن "حجم خسائر الكيان الصهيوني هو الذي أجبره على قبول وقف إطلاق النار، وأن الانتصارات بالنسبة للدول تتحقق بتحقيق الأهداف المعلنة". وأضاف، "يكفي للحركات الثورية أن تعيق عدوها من تحقيق أهدافه، فالكيان الصهيوني لم يستعد أسراه، ولم يعد نازحيه، ولم يفرض أي معادلة على قوى المقاومة"، مشيراً إلى أن "التدمير لا يعبر إلا عن همجية الكيان، وأن حقائق الميدان ستكشفها الأيام، وسيثأر الله لدماء الشهداء".
ولفت الحكيم، إلى أن "العراق يقدم دعماً سياسياً وإعلامياً وإغاثياً للشعبين اللبناني والفلسطيني"، فيما دعا "للموازنة بين الانتصار لمظلومية شعوب المنطقة وبين الحفاظ على ما تحقق من استقرار في العراق".
بيان الدعوة
المكتب السياسي لحزب الدعوة الإسلامية، ذكر في بيان تلقته "الصباح": "بعد حرب بطولية طاحنة، وإجبار العدو الصهيوني على الرضوخ لوقف إطلاق النار في لبنان، نحيي حزب الله ومجاهديه الأبطال على الصمود في وجه أعتى قوة مدججة بالسلاح، مدعومة من قبل أقوى الدول الاستكبارية في العالم، ونؤكد أن ما حققه هذا الحزب يعدُّ فخراً لأمة الإسلام والأحرار". وأضاف: "طُويت اليوم هذه الصفحة لفصل من فصول الحرب في الشرق الأوسط، لكن ستبقى قضية الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه وتحرير مقدساته في القدس من اغتصاب الكيان الصهيوني حية لا تموت، رغم أن غزة الجريحة مازالت تنزف دماً وهي تستصرخ العرب والمسلمين والأحرار في العالم الوقوف معها وإلى جانبها ورفع يد الإجرام عن رقبة أهلها". وذكر، أن "حزب الله قد خاض واحدة من أقسى وأشرس معارك المنطقة خلال هذا العام، لم يتوقف فيه القتال يوماً، واستطاع أن يبارز العدو ويجاريه في إيقاع الخسائر، على الرغم من عدم توازن معادلة القوة، وقد قدم خيرة رجالاته شهداء في هذه المعارك المشرفة". وتابع بيان الحزب: "في هذا اليوم نفتقد القائد الغيور سيد شهداء المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله، والشهيد السيد هاشم صفي الدين، والعشرات من خيرة الكوادر الجهادية، والآلاف من الأعضاء والأنصار والشعب اللبناني (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين)".
مواقف سياسية
بدوره، دعا رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، أمس الأربعاء، للالتفاف حول العدل والتمسُّك بالحقوق ومناصرة المظلوم. وقال العبادي في بيان صحفي، :"أُعرب عن ترحيبي بوقف إطلاق النار في لبنان، على أمل أن يتوقف في غزة، وينجح المجتمع الدولي بتحقيق تسويات عادلة وشاملة تنصف الشعوب المقهورة والمستضعفة، وأحيي صمود الشعوب في سبيل كرامتها وحقوقها"، مؤكداً على "وحدة الصف، وتفويت الفرصة على المكاره والفتن من أن تنال من وحدتها وتضامنها وأملها بالغد". وأشار إلى أن "على قوى الشعوب، الالتفاف حول العدل والتمسك بالحقوق ومناصرة المظلوم، وإنجاح مشروع الدولة العادلة الممثلة لشعبها، والاعتصام بها كمرجعية لتمثيل الشعوب وتحقيق مصالحها سلماً أو حرباً". من ناحيته قال رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الشيخ همام حمودي، في بيان تلقته "الصباح": "نهنئ شعبنا اللبناني ومقاومته البطلة بفرحة نصرهم المؤزر، وصمودهم وثباتهم وقوة تحدّيهم، وعظمة تضحياتهم التي هشَّموا بها غرور نتنياهو وعنجهيته، وبددوا أحلامه البائسة، وأسقطوا رهان المجازر والتدمير والتهجير للأبرياء للنيل من سيادة وكرامة لبنان، فكان قرار محكمة الجنايات الدولية بإدانة قادة الحرب، ثم إذعانهم لوقف العدوان، نصراً للبنان وكل الأحرار في محور الحق، أكده استياء الصهاينة من وقف الحرب وابتهاج اللبنانيين وعودتهم الفورية لمناطقهم". وأضاف، أن "شعب العراق وحكومته، يباركان للبنان حكومة وشعباً ومقاومة وقف إطلاق النار، وأن العراق سيبقى معه، داعماً ومسانداً لحفظ سيادته وتماسك أبنائه وبقائه قوياً"، مثمناً كل "المساعي والجهود التي آزرت لبنان وساهمت بوقف العدوان"، ودعا، إلى "تضافر الجهود الدولية لإزالة آثار العدوان وإعادة إعمار ماخرَّبته آلة الحرب الصهيونية". رئيس كتلة دولة القانون النيابية، ياسر المالكي، قال في تدوينة على منصة "X": "أرفع أسمى آيات التهنئة وأصدق التبريكات إلى المقاومة اللبنانية الباسلة على هذا الانتصار المؤزَّر بالرحمة الإلهية، الذي تحقق بفضل صمودكم، وتضحياتكم". وأضاف، أن "النصر ما كان ليحدث لولا التوكل على الله والإيمان العميق بقضيتكم، والاقتداء بالشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله، القائد الذي ترك إرثاً عظيماً في هذه الأمة"، مشيراً إلى "أنكم أمل الأمة وصوت الحق في وجه الظلم، حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم".
إشادة برلمانية
في غضون ذلك، أكد أعضاء بمجلس النواب أهمية وقف إطلاق النار في لبنان كخطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار الأمني في المنطقة، مشيرين إلى دور العراق المحوري في تقريب وجهات النظر ودعم الحلول السلمية.
وقال عضو مجلس النواب علاء سكر الدلفي، لـ"الصباح": إن "وقف إطلاق النار يمثل نقطة تحول مهمة نحو تعزيز الأمن والبناء في المنطقة"، وبين أن "هذه الخطوة تمهد لانطلاقة جديدة تركز على إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية"، مشيراً إلى أن "العراق سيكون في طليعة الداعمين لهذه المرحلة من خلال تقديم مساعدات إنسانية ومادية". وأضاف الدلفي، أن "الدعم العراقي لن يقتصر على الجوانب الإنسانية، بل سيتضمن توفير الخبرات والمشاريع التي تعزز النمو الاقتصادي في المنطقة". وتابع قائلاً: "هذه المرحلة الجديدة تتطلب تضافر الجهود بين الدول والمنظمات الدولية، والعراق سيظل شريكاً رئيسياً في دعم الاستقرار والتنمية"، وأكد أن "التزام العراق بمثل هذه القضايا يعكس مكانته القيادية في المنطقة، ودوره في بناء مستقبل آمن ومزدهر لجميع شعوبها". من جهته، عضو مجلس النواب ضياء الهندي، في حديثه لـ"الصباح"، شدد على أن "وقف إطلاق النار في لبنان سيؤدي إلى تهدئة الأوضاع المتوترة في المنطقة، مما ينعكس إيجاباً على العراق"، وأوضح أن "العراق كان له دور محوري في هذا الملف من خلال مؤتمرات ومبادرات دولية وإقليمية قادتها بغداد أو شاركت فيها، لا سيما تلك التي استضافتها دول مثل السعودية". وأضاف، أن "الحكومة العراقية دعت مراراً إلى وقف التصعيد العسكري، وأسهمت في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة"، وأشار الهندي إلى أن "هذه الجهود أسهمت في حماية العراق من تهديدات كانت ماثلة، مثل الضربة الصهيونية المحتملة، والتي أصبحت الآن مستبعدة بفضل الإجراءات الحكومية". واختتم حديثه بالإشادة بالدور العراقي، قائلاً: "لقد أثبت العراق أنه قادر على أن يكون ركيزة أساسية في أي عملية تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".
أما عضو مجلس النواب سردي النايف، فقد أكد أن الجهود العراقية في هذا الملف تعكس رؤية ستراتيجية تهدف إلى تحقيق السلام في لبنان والمنطقة.
وقال النايف في حديث لـ"الصباح": إن "العراق يحمل رسالة سلام دائم تقوم على أساس منع التصعيد وتشجيع الحوار كسبيل وحيد لحلِّ الأزمات"، وأضاف أن "الدبلوماسية العراقية لعبت دوراً بارزاً من خلال التنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية، مما يعكس مكانة بغداد كطرف محايد وفاعل في القضايا العربية". وأشار، إلى أن "العراق على استعداد لتقديم كل أشكال الدعم، سواء كان إنسانياً أو سياسياً، لدعم الشعب اللبناني في تجاوز هذه الأزمة"، كما دعا "الجامعة العربية إلى تبني خطوات أكثر فعالية لتثبيت وقف إطلاق النار وضمان استقرار لبنان"، واختتم قائلاً: "موقف العراق م ن هذه الأزمة يعكس التزامه بالعمل الجماعي لحلِّ النزاعات، وتوفير مناخ من الأمن والسلام لجميع شعوب المنطقة".