للكرامة ثمن باهظ

الأولى 2024/11/28
...

 كتب رئيس التحرير:


عاد أهالي جنوب لبنان إلى ديارهم، إلى ما بقي من بيوتهم التي غادروها تاركين شبابهم الأبطال في الوهاد وعلى التلال وفي مداخل القرى يقاتلون أعتى وحوش الأرض وينتصرون. 

عادوا إلى منازل مدمَّرةٍ لكنّها مغسولة بكرامةٍ أصبحتْ نادرةً هذه الأيام، كرامة مَنْ لم يُطأطئ رأسه ذلاً ولم ينحنِ أمام عاصفةٍ سوداء.

طوال أكثر من عامٍ استبسل أهالي الجنوب، المقاتلون منهم والنازحون، في دفع ثمن كرامتهم غالياً. الأمهات اللواتي ودَّعْنَ ثمرات أرحامهنَّ بصبرٍ عظيم، والآباء الذين شدّوا من أزر أبنائهم، والأطفال الذين اختبروا التهجير والنزوح مبكّراً، كلّهم رأيناهم اليوم يرسمون بأيديهم شارات النصر وهم يحملون متاعهم البسيط عائدين إلى أرضٍ ستبقى مدى الدهر أرضهم وحدهم. على السطح إذا أراد أحد أنْ يحسب الربح والخسارة حسابَ تجّار، فسيظهر أنَّ اللبنانيين ومعهم كلّ من يساندهم خسروا كثيراً، خسروا راحتهم وطمأنينتهم وبيوتهم وخسارتهم الأكبر أربعة آلاف شهيدٍ وعشرات الآلاف من الجرحى. ونتجرّع في أفواهنا طعم الخسران مرّاً حين نتذكّر أنَّ السيّد الهمام نصر الله وإخوته من القادة تركوا الميدان. 

لكنَّ هذه الجردة من الخسائر هي الثمن الواجب تأديته لدرء المشروع الأخطر الذي قاله نتنياهو علانية والذي أراد البدء به من لبنان، وهو مشروع يرمي إلى جعل شعوب المنطقة كلها عبيداً لهذا الكيان الذي وُلد من خرافة.

كلّ وقائع التاريخ تُعيد علينا الدرس: أنَّ ثمن الكرامة باهظ. وقد دفعه اللبنانيون كاملاً غير منقوص، فانتصروا.