سهى الطائي
في عصرنا الرقمي الحالي، أصبحت الحياة الشخصيَّة أكثر عرضة للمخاطر الأمنيَّة، إذ يمكن لأي شخصٍ أنْ يتعرضَ للمضايقات أو حتى الاحتيال عبر الإنترنت، إذ تروي لي صديقتي قصة حدثت معها مؤخرًا، والتي كانت تجربة مليئة بالتوتر والقلق، وكيف استطاعت التعامل معها بحذرٍ وذكاء.
بدأت القصة عندما تلقت صديقتي رسالة من شخصٍ مجهولٍ عبر أحد تطبيقات التواصل، يزعم أنَّه شخصٌ كانت قد تواصلت معه في وقتٍ سابقٍ، ويدعي أنَّه يملك معلوماتٍ شخصيَّة عن حياتها، في البداية، ظنت أنَّ الرسالة كانت غير مهمة، أو ربما مجرد محاولة من شخصٍ غريبٍ للتواصل معها، لكنها سرعان ما اكتشفت أنَّ هناك شيئًا مريبًا في هذه المحادثة، استخدم الشخص صورة مشابهة لسيارتها وأشار إلى منطقة سكنيَّة قريبة من مكان إقامتها، ما جعلها تشعر بالقلق والشك في نواياه.
صديقتي لم تكن تعرف من هو هذا الشخص، لكنَّ طريقة حديثه جعلتها تشعر بأنَّه قد يكون يمتلك معلوماتٍ دقيقة عنها، سرعان ما بدأت تتساءل كيف عرف كل هذه التفاصيل عن حياتها، لا سيما أنَّها لم تكن قد شاركتها مع أحد، لكنها تذكرت أنها قد تكون قد نشرت بعض المعلومات العامَّة على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل صور للمنطقة التي تعيش فيها أو أماكن ترتادها، بدأت صديقتي في اتخاذ خطوات حاسمة لحماية نفسها. أولًا، قامت بحظر الشخص على جميع منصات التواصل الاجتماعي وأغلقت حساباتها التي كانت قد تحتوي على معلومات حساسة، لم ترد على أي رسائل منه، وأكدت لنفسها أنها يجب أنْ تكون حذرة في ما تنشره في المستقبل، ثم قامت بتغيير كلمات المرور لجميع حساباتها، واستخدمت كلمات مرور رصينة لم تكن قد استخدمتها من قبل.
بعد ذلك، قررت صديقتي التواصل مع أقرب الأشخاص إليها وإخبارهم بالوضع لتأمين دعمهم، قامت بإبلاغ أفراد أسرتها بما حدث حتى يتمكنوا من مراقبة أي محاولاتٍ مشبوهة حول منزلها، كما قامت بتعديل إعدادات الخصوصيَّة في حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى تضمن أن لا أحد يستطيع رؤية منشوراتها الخاصة أو الاطلاع على تفاصيل حياتها اليوميَّة.
ومن أجل المزيد من الأمان، قررت أيضًا عدم الرد على أرقامٍ مجهولة أو غير معروفة، وقامت بإبلاغ الجهات الأمنيَّة عن الواقعة. وبتقديم بلاغٍ رسمي للشرطة، كانت تأمل في حماية نفسها ومنع أي تهديداتٍ قد تصيبها في المستقبل.
الدرس الذي تعلمته صديقتي من هذه التجربة هو أنَّ الخصوصيَّة في العصر الرقمي تتطلب منا اليقظة المستمرة، يجب أنْ نكون حذرين في ما ننشره على الإنترنت، وألا نغفل عن الأمان الرقمي، إذ يمكن أنْ تؤدي تفاصيل بسيطة إلى تعرضنا لمواقف غير مريحة.
عند مواجهة مثل هذه المواقف، يجب أنْ نتذكرَ دائمًا أنَّه لا يجب التواصل مع أي شخصٍ مشبوهٍ أو الردّ على أي تهديدات، في كثيرٍ من الأحيان، تكون هذه المحاولات جزءًا من أساليب الاحتيال التي تهدف إلى إقناعنا بالكشف عن معلومات شخصيَّة أو التلاعب بنا.
اليوم، صديقتي تعيش حياتها بأمان، ولكنها أصبحت أكثر حرصًا في تعاملاتها الرقميَّة، وهي تشدد على أهميَّة حماية الخصوصيَّة واستخدام التكنولوجيا بحذر، تعلمت من تجربتها أنَّ الأمن الرقمي لا يقلُّ أهميَّة عن الأمان الشخصي، وأن الوقاية خيرٌ
من العلاج.