عندَ بحرِ الخزر

ثقافة 2019/07/01
...

حميد حسن جعفر
 
 
جارتي لا دماء فارسيَّة تجري في عروقها، ورغم هذا يدّعي رجل الأمن، أن ليلى عنصر دخيل، وما كان الذي اسمه قيسا سوى المتسلّل إلى بلاد المسلمين. 
حاولت أن أكلمها بلغة أهل الجنوب، أنا لست من أهل بندر عباس، فلم تستطع أن تفهم كلامي، ذهبت بها إلى اصفهان، إلى حيث الكلام ابيض من غير خلاعة، فإذا بها حجارة صماء، عند بحر الخزر وجدتها تبيع الخبز التفتوني، والماستاو، لم اهتدِ اليها أول الأمر. 
العرب يملؤون المنافي، وأنا لا أملأ سوى مقعد منفرد من حافلة تتسع لأربعين نفرا، لا امرأة من بلاد فارس تقترح على ضرورة عدم النوم في الفندق العمومي، ربما يستفيد البعض من جهلك بسوق النقد، وهبوط التومان، هذا بعض ما اوصتني به جارتي، لتستدرك، وانت رجل غير مستعد -كما اعرف- لأن تتهم الآخر بالخيانة، دمها لا يدل على أن الطريق إلى أي من النساء سهل، كأني اصعد إلى الحافلة، أو أنزل من الحافلة وما تحتويني من كراسي مدولبة، كأني داء مستعصٍ، لا تمنح ساقي الريح، ولا جسدي حرية البحث عما تحت السرير من حروب مع الجارة، تقول صديقتي، لم أكن أعرف من أي البلاد كانت، ولكنّها بلسان عربي فصيح تقول: لا بحر قزوين يوفر لك سباحة الفراشة، ولا شط العرب من الممكن أن ينسى عبورك مياهه وانت تُعاين عربة الإسعاف وهي تختفي في جوفه، شمال الخليج العربي ما زال ينزف جثثا رطبة، محاولات لعبور الحدود إلى حيث النسوة الفارسيات ينتظرن مراكب المحاربين، واقراص الدلالة، وما تركت الأهوار المجففة وراءها من نسوة أرامل، وصبايا انطفأنَ مبكرا. 
بلاد العجم، يمين بلاد العرب، يقول المترجم البلوشي، وأنا رجل لا يفهم من أمور البلدان جميعها سوى امرأة من نسائها اسمها ليلى، إنها جارتي التي حاولت أن أحبها، لم تكن فارسية، هكذا أراد لي القدر. 
هكذا وصفها المخبر السري بالعنصر الدخيل، ليكون الذي اسمه قيسا متسللا لبلاد المقدّسات، لم تستطع اصفهان أن توفر لي قناعة: أن أولئك كانوا على خطأ، وأولئك على جانب شديد من رجاحة العقل، لذلك ستظل ليلى جارتي ويظل قيس المتسلل كلّ نهار إلى بيتها في الجانب الآخر من شط العرب.