(أ ف ب)
من لا يستطيع الذهاب إلى السينما في مناطق نائية أو أحياء هامشية بتونس قد تأتي إليه داخل شاحنة تضم صالة عروض متنقلة، في مبادرة بعنوان "سينما تدور" تهدف إلى جعل الفن السابع في متناول الجميع. تبدو البهجة واضحة على وجوه عشرات العاملات والعمال وهم يغادرون شاحنة حمراء كبيرة متوقفة في مربد مصنعهم بمدينة جمال، بعد مشاهدة الفيلم الفكاهي "بوليس" (شرطة) الأكثر شعبية حاليا في البلاد. وداخل القاطرة الضخمة التي يبلغ وزنها 38 طنا، ضمّت صالة عروض مريحة تضمّ مئة مقعد لا تتوفر في تونس حاليا سوى 15 قاعة سينما معظمها في العاصمة، ومدن بنزرت (شمال) وسوسة (وسط) وجربة (جنوب). لسد هذا النقص، أطلق نشطاء في شبكة الفضاءات الثقافية "أكورا" وجمعية "فوكوس قابس" مبادرة "سينما تدور"، بدعم من ممولين يفضلون عدم كشف هوياتهم. وتوضح مديرة المشروع غفران هراغي فكرته "كنا نبحث عن حل للوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين في أقصر وقت وبموارد قليلة، لنمنحهم هذه التجربة السينمائية". في مدينة جمال، أعلنت شركة دراكسلماير الألمانية لأجزاء السيارات، حيث تملك مصنعا، "منح تذاكر مجانية لعمالها وعائلاتهم وأصدقائهم وكافة سكان المدينة و(ولاية) المنستير لعشرة أيام"، وفق مسؤولة التواصل في هذه الشركة جيهان بنعمور. يراوح ثمن التذاكر في أقرب سينما بمدينة سوسة بين 10 و20 دينارا، فضلا عن تكاليف النقل، وهو مبلغ ليس في متناول أسر يعيلها عمال تراوح أجورهم بين 600 و1000 دينار (190 إلى 315 دولارا). وتسعى الشركة الألمانية من خلال هذه المبادرة إلى "المساهمة في تنمية" الجهات الأربع التي تنشط فيها والواقعة في مناطق نائية. في غياب دعم عمومي، ببلد يعاني المديونية، أصبحت مثل هذه الشراكات مع القطاع الخاص ركيزة "للنموذج الاقتصادي" لمبادرة "سينما تدور"، على ما توضح مديرتها غفران هراغي. ويتحمل القائمون عليها تكاليف قرض لشراء الشاحنة بحوالي مليون دينار (300 ألف يورو)، ومصاريف العمل المختلفة بما يقارب 500 ألف دينار سنويا.