صفاء عبد الهادي
الأرقام التي تتداولها وسائل الإعلام عن تدنِّي معدل إنتاج الموظف العراقي، تثير تساؤلات كثيرة بشأن كفاءة القطاع العام. هذه الأرقام، التي أصبحت حديث الشارع، تفتح أبواب النقاش على مصراعيها، وتضع الموظف في مرمى الانتقاد. وعلى الرغم من أن هذه الإحصائيات قد تبدو محطَّ شكٍّ، وتفتقر إلى الدقة، إلا أنها ليست بعيدة عن الواقع الذي نعيشه. واقع يتَّسم بالكثير من الصعوبات والتحدِّيات على مختلف الأصعدة، فالأزمة الاقتصادية العالمية، والصراعات الإقليمية، وتذبذب أسعار النفط، كلها عوامل تزيد من تعقيد الوضع في العراق، الذي يعتمد بشكل رئيس على إيرادات النفط، والذي أصبح عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية.
المشكلة هنا لا تقتصر على تدني الإنتاجية فحسب، بل تكمن أيضاً في الإحباط العام الذي يشعر به المواطن والموظف على حدٍّ سواء، فالحديث عن الواقع بات اليوم غالباً ما يتراوح بين الفشل والتشاؤم، حيث يقتصر النقاش على أوجه القصور والتحديات، متجاهلاً في كثير من الأحيان أية إشارات إيجابية قد تطرأ، فالمتابع المنصف لا يحتاج إلى كثير من الجهد ليؤشر خطوات بدأت تظهر على أرض الواقع قد تمثل بداية لتحسين الأوضاع، من بينها –علي سبيل المثال- القرار الذي اتخذته وزارة التعليم بإعارة الأكاديميين للعمل في الكليات الأهلية، من رؤساء جامعات وعمداء كليات وتدريسيين، مع الاحتفاظ بامتيازاتهم واحتساب مدة خدمتهم لأغراض الترقية والتقاعد. ووفقاً لهذا القرار، تتحمل الجهة المستفيدة (الكليات الأهلية)، رواتب وامتيازات الأكاديميين. هذه الخطوة لا تساعد فقط في تقليل الضغط على الموازنة العامة، بل تعزز أيضاً القطاع الخاص الذي يعاني من نقصٍ في الكفاءات الأكاديمية.
وفي خطوة أخرى تهدف إلى تحسين الإنتاجية، أطلقت وزارة العمل خطة لتحويل المستفيدين من الإعانات الاجتماعية الذين تتوفر فيهم الشروط إلى عقود عمل في وزارة الداخلية. تهدف هذه المبادرة إلى تحويل العاطلين عن العمل إلى موظفين منتجين، يتقاضون رواتب مقابل خدمة فعلية، في خطوة تمثل نقطة تحوّل في سياسة التشغيل، إذ يمكن أن تُسهم، في حال تعميمها، بتعزيز القوة العاملة وتحسين الإنتاجية على المدى الطويل.