إشادة سياسية بـ «الدبلوماسية المنتجة» لحكومة السوداني
بغداد: رلى واثق وشيماء رشيد
عمر عبد اللطيف ومهند عبد الوهاب
عبّر برلمانيون وسياسيون وخبراء في الشأن الدولي، عن دعمهم ومساندتهم للدبلوماسية المتزنة التي تنتهجها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في التعامل مع قضايا وأزمات المنطقة، مبينين أن الدبلوماسية المنتجة للحكومة جنّبت العراق ارتدادات وسلبيات الأزمات الأخيرة وتداعياتها، كما أن سياسة الحكومة ومواقفها الواضحة إزاء الملفات الخارجية أسهمت بوضع المجتمع الدولي ثقته بالعراق كلاعب إقليمي ودولي محوري في مكانة لم يحظ بها منذ عقود.
وأكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في وقت سابق، أن سياسة الحكومة تؤكد أن العراق بلد محوري ومؤثر ومهم، وأنه للمرة الأولى منذ بدأ العملية السياسية في 2003، وضع المجتمع الدولي ثقته بالعراق ودبلوماسيته في التعامل مع الأزمات.
ورأى عضو مجلس النواب حسين عرب، بأن "العراق اليوم بدأ يخطو بشكل واضح وناجح، ليكون محوراً بين الدول المتصارعة باعتباره من يمتلك حلقة الوصل فيما بينها".
وأضاف عرب، في حديث لـ"الصباح"، أن "تلك الدول التي لا توجد علاقات دبلوماسية فيما بينها؛ بدأ العراق يلعب دور التقريب في وجهات النظر بينها ونقل بعض المواقف لترطيب الأجواء، وما اتصالات وجولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في المنطقة ولقائه بالمسؤولين في الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية ودولتي قطر وتركيا والمملكة الأردنية الهاشمية؛ إلا لتقريب وجهات النظر فيما بينها".
وتابع: أن "زيارات السوداني ولقاءاته كانت إيجابية وبدأت الدبلوماسية العراقية تأخذ مسارها الصحيح"، معرباً عن أمله "بالمزيد من المواقف والتي يمكن أن تعيد العراق إلى موقعه المتقدم بين تلك الدول".
واقترح عضو مجلس النواب حسين عرب، أن "يكون هنالك فريق دبلوماسي أو شخصيات تقود المشاورات والخيارات التي تكون فيها مصلحة لكل دول المنطقة والعراق خصوصا".
بوصلة الدبلوماسية
النائب عن ائتلاف دولة القانون، عارف الحمامي، قال لـ"الصباح": إن "الدبلوماسية العراقية استطاعت أن تنجح في عملها وفي توجيه بوصلتها باتجاه تصويب عملها نحو التوزان في العلاقات مع المحيطين الإقليمي والعالمي، إضافة إلى كونها لعبت دوراً مهماً في التهدئة في المنطقة على كل المستويات المهمة".
وأضاف، أن "الحكومة - ومن ضمن منهجها وبرامجها - وضعت الخطط الدبلوماسية للسياسة الخارجية، واستطاعت أن تدفع المخاطر عن حدود البلد"، موضحاً أن "السياسة الخارجية وخطواتها الحكيمة جعلت من العراق بلد قادر على التعامل مع كل الأزمات السياسية في المنطقة والعمل على التهدئة، وهذا يدل على ثقل السياسة الدبلوماسية للبلد".
وبيّن، أن "العراق يسير باتجاه تصحيح كل المسارات السياسية الدبلوماسية السابقة، ما أسهم بخلق التواصل بينه وبين جميع بلدان العالم، بدليل الاتفاقيات التي يبرمها العراق مع كل الدول دون استثناء؛ منها اتفاقيات ثقافية واقتصادية وسياسية، والاستناد على دبلوماسية قادرة على أن تحل كل الأزمات في المنطقة".
أما عضو المكتب السياسي لـ"تيار الحكمة" زهراء الصدر، فقد بينت أن "العراق كان أمام مفترق طرق مصيري، واختبار مهم للحكومة العراقية في كيفية التعامل على الصعيد الدبلوماسي الدولي مع ما يحدث في سوريا مؤخراً".
وأضافت، في حديث لـ"الصباح"، أن "اختيار العراق الحفاظ على أمنه وسيادته أولاً؛ وحفظ حدوده وعدم التدخل العسكري كان من الخيارات الصحيحة التي اتخذتها الحكومة العراقية، مع إعرابها عن استمرار الدعم المعنوي والإغاثي للأشقاء في المنطقة، وقد عزز هذا القرار ثقة الشعب العراقي بقيادته ومنحه الشعور بالأمان"، مؤكدة أن "الأولوية هي للعراق بلا مجاملة".
تغيرات المنطقة
ويعتقد استاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، الدكتور عصام الفيلي، أن الحكومة العراقية سارت بخطوات متقدمة في ما يخص درء المخاطر على العراق.
وقال الفيلي في حديث لـ"الصباح": إن "العراق يدرك تماماً أن كل ما يجري من أحداث في المنطقة متغير وبالتالي سينعكس سلباً أو إيجاباً على موقف الحكومة العراقية، وعليه ارتأت الحكومة ألا تكون جزءاً من حالة الاحتقان التي تمر بها المنطقة"، مشيراً إلى أن "خطاب الحكومة العراقية ووزارة الخارجية كان وطنياً عراقياً بامتياز، بعيداً عن صراع العقائد والايديولوجيات لأن الكثير منها تعرض للتبدل".
وبيّن، أن "الحكومة العراقية اليوم في تحدٍّ كبير لإقامة علاقة متوازنة فيما يخدم المصلحة الوطنية بعيداً عن الصراعات"، مذكّراً بوجود أطماع الكثير من الدول، "وبالتالي فإن العراق عندما ذهب للمعالجة الدبلوماسية فهو يكون قد قدر طبيعة المخاطر الإقليمية وقدر طبيعة التأثيرات الدولية على العراق؛ سواء كانت في الأبعاد الأمنية والاقتصادية والعسكرية، فضلاً عن طبيعة المتغير في سوريا والذي كان واضحاً".
وأشار الفيلي، إلى "الإجراءات الاستباقية للحكومة العراقية حينما ذهبت بخطابها الوطني العراقي قبل الأحداث الأخيرة للجارة سوريا بقولها (إن ما نلمسه من أوضاع في سوريا يعدُّ شأناً داخليا ولا يمكن أن نتدخل)، مما أعطى انطباعاً للقوى العالمية أن العراق دولة متقدمة في الرؤية السياسية، وبالتالي نجحت الحكومة في تفكيك الأزمة قبل حدوثها، ما جعلها حكومة من الطراز الأول، ففي هذه المرحلة التي تعاني فيها المنطقة من صراعات وتمحور يحتفظ العراق بعلاقات يسودها الاحترام مع الدول العربية والإقليمية"، وأكد أن "المجتمع الدولي ينظر إلى الحكومة العراقية بأنها الأقدر على إدارة الأزمة، وهذا ما لا يمكن أن نراه في باقي الحكومات".
نجاح سياسي
السياسي المستقل الدكتور عائد الهلالي، قال لـ"الصباح": إن "حديث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وتصريحه بشأن الموقع المميز والثقة التي يوليها المجتمع الدولي للعراق حالياً في موضع هو الأول من نوعه منذ 2003؛ يعكس تقديراً للنجاحات الدبلوماسية التي حققتها الحكومة العراقية في السنوات الأخيرة، ويعكس أيضاً تحولاً إيجابياً في موقف العراق على الصعيدين الإقليمي والدولي".
وبيّن، أن "العراق، منذ عام 2003، كان يعاني من تحديات أمنية وسياسية معقدة، إلا أن الدبلوماسية الحكومية الحالية تمكنت من تجاوز الكثير من تلك المخاطر بفضل عدة عوامل رئيسية؛ أهمها كان التوازن في العلاقات الإقليمية والدولية، إذ تمكنت الحكومة العراقية من الحفاظ على توازن في علاقاتها مع القوى الإقليمية الكبرى مثل إيران والسعودية، وكذلك مع القوى الدولية مثل الولايات المتحدة وروسيا"، موضحاً أن "هذا التوازن ساعد في تخفيف التوترات الإقليمية وحافظ على الاستقرار النسبي".
وأشار، إلى أن "العراق نجح في تعزيز موقفه الدولي من خلال التأكيد على سيادته واستقلاله، ورفض التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، وهذا الموقف عزز من قبوله في الساحة الدولية وحقق له دعماً في محاربة الإرهاب"، مؤكداً أن "العراق أصبح لاعباً محورياً في محاربة تنظيمات مثل (داعش)، وساهم في تحقيق الأمن ليس فقط على المستوى الوطني بل أيضاً على المستوى الإقليمي، كما أن التعاون مع التحالف الدولي والجهود الداخلية نجحت في تقليص التهديدات الأمنية بشكل كبير".
وأضاف، أنه "في ظل التحديات الاقتصادية، سعت الحكومة العراقية إلى تقوية علاقاتها الاقتصادية مع دول الجوار والعالم عبر اتفاقات تجارية وطاقة، مما أسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي"، مبيناً أنه "على الرغم من هذه النجاحات، لا يزال العراق يواجه تحديات كبيرة على المستوى الداخلي، مثل الفساد والبطالة، ولكن في السياق الدبلوماسي، نجحت الحكومة العراقية في درء المخاطر والتأكيد على مكانة العراق الإقليمية والدولية".
وقال الهلالي: إن "موقف الدبلوماسية الحكومية العراقية، يعكس جهوداً كبيرة في تحسين العلاقات الدولية وتعزيز موقع العراق في الساحة الإقليمية والدولية"، وجدد التأكيد في ختام حديثه، أن "الدبلوماسية العراقية في السنوات الأخيرة كانت تعتمد على تعزيز التوازن في العلاقات مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وإيران، إضافة إلى الانفتاح على دول الجوار والمنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وهو ما أعطى العراق زخماً دولياً واسعاً".
استقرار كبير
أما المحلل السياسي واثق الجابري، فرأى أن الحكومة حققت استقراراً سياسياً وأمنياً غير مسبوق في الداخل العراقي.
وأضاف الجابري، في حديث لـ"الصباح"، أن "المقبولية الدولية التي يحظى بها العراق في الوقت الحالي هو بسبب الاستقرار السياسي والأمني والعلاقات المتميزة مع جميع الدول طيلة السنوات الماضية، واستطاعت الدبلوماسية إعادة دوره الأساسي والمحوري في المنطقة والعالم".
وبيّن، أن "الحكومة أطلقت مصطلح (الدبلوماسية المنتجة) على طبيعة العلاقات التي انتهجتها، بعد أن بنت الكثير من العلاقات المتينة والشراكات مع الدول، وتأطير تلك العلاقات وتمتينها من خلال مذكرات التفاهم والعلاقات الثنائية بما يعود بالفائدة على الداخل العراقي".
من جانبه، وصف المحلل السياسي محمود الحياني، العراق بأنه "بيضة القبان" بين دول الشرق والغرب.
وأضاف الحياني، في حديث لـ"الصباح"، أن "التحركات الأخيرة التي أجراها رئيس الوزراء تنم عن خبرة ودراية سياسية، وهنالك دور مستقبلي للعراق في أن يكون لاعباً أساسياً في حلِّ الأزمات القضايا والأزمات الحالية والمستقبلية".
حديث السوداني
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قال في وقت سابق: إن "سياسة حكومتنا تجد أن العراق بلداً محورياً ومهماً ومؤثراً ونجحت في مرحلة صعبة".
وأوضح السوداني في حوار خاص أجراه مع رئيس شبكة الإعلام العراقي كريم حمادي على "العراقية الإخبارية"، تفاصيل الخطوات التي أجراها العراق في سبيل تطويق الأزمة السورية، لكنه أكد أن "موقف العراق كان واضحاً بعدم التدخل بالشأن السوري"، وتابع، "حريصون على وحدة وسلامة الأراضي السورية واحترام إرادة الشعب السوري"، مؤكداً "مستعدون لدعم عملية سياسية شاملة في سوريا بدون التدخل".
ولفت، إلى أنه "لا نريد الآخرين أن يتدخلوا في الشأن السوري"، منوها بأن "العراق تحرك ضمن المنطقة وقاد جهداً دبلوماسياً في سبيل الاتفاق على المبادئ العامة الخاصة بالشأن السوري"، وبيّن أن "الظروف السورية تشبه الوضع العراقي في 2003 وهذا ما يحتم علينا إعطاء النصائح لعدم الوقوع بالأخطاء التي وقعنا بها".
وأشار، إلى أن "العراق وصل إلى مرحلة من الموثوقية والمقبولية الإقليمية والدولية"، وأكد أن " كل الرسائل التي تلقيناها بالزيارات والاتصالات تؤكد على التزام الدول بأمن العراق واستقراره"، ولفت إلى أن "الدول أكدت التزامها بالوقوف مع العراق اتجاه أي تهديد إرهابي يحاول المساس بحدوده"، مؤكداً أن "العراق لا يزال عضواً أصيلاً في التحالف الدولي لمواجهة "داعش" الإرهابي"، لافتاً إلى أن "العراق في المسار الصحيح ويحظى بثقة ومقبولية غير مسبوقة منذ بدء العملية السياسية في 2003".
ونوّه، بأن "ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يدعو إلى المزيد من التوافق السياسي"، مبيناً أن "إحاطة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالعراق بمجلس الأمن كانت واضحة بأنه أمام عراق جديد واستقرار سياسي غير مسبوق"، وبين أن "الدولة هي من تملك القرار في السلم والحرب"، لافتاً إلى أنه "لن نسمح لأي طرف بأن يزجَّ العراق في حروب وصراعات".