اكتفاء غازيّ

الأولى 2024/12/24
...

 كتب رئيس التحرير:


ورث العراق من النظام الديكتاتوريّ بنية للصناعات النفطيَّة متهالكة وذات تقنياتٍ بدائيَّة، وأسهمت الظروف الأمنيَّة والاضطرابات السياسيَّة التي توالتْ لاحقاً في تأجيل عمليَّة تحديث هذه البنية وجعلها متناسبة مع اقتصاد دولةٍ تعتمد بشكلٍ رئيسٍ على إنتاج النفط وتصديره.

ومن أولى المعضلات التي حكمتْ حقل النفط في العراق كانتْ مشكلة الكميات المهولة من الغاز الطبيعيِّ المصاحب الذي يُحرَق هدراً مع غياب آليات وأدوات استثماره، الأمر الذي اضطرّ العراق إلى إنفاق المليارات سنوياً لاستيراد الغاز، وبخاصَّة إذا ما عرفنا أنَّ طاقة العراق الكهربائيَّة تعتمد اعتماداً شبه كليّ على الغاز الطبيعيّ، وحاجة العراق إلى الطاقة الكهربائيَّة تتزايد بمعدّلاتٍ عالية.

حكومة السيّد محمّد شياع السودانيّ وضعتْ منذ أول أيّامها، هدفاً يتمثل في زيادة استثمار العراق الغاز الطبيعيَّ المصاحب لاستخراج النفط وصولاً إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في سنواتٍ مقبلة. لأنَّ بقاء الوضع على ما هو عليه يعني زيادةً في الخسائر الماليَّة، وبقاء ارتهان الطاقة العراقيَّة لتقلّبات السياسة الإقليميَّة والدوليَّة، إضافة إلى ما يُسبِّبه حرق الغاز من كوارث على البيئة والإنسان.

أمس رأس السيّد السودانيّ اجتماعاً يتعلّق بمشاريع الغاز المزمع تنفيذها قريباً، وخرج بنتائج مهمَّةٍ من بينها الإعلان عن أنَّ حرق الغاز المصاحب انخفض بنسبة (67) بالمئة، ومن المؤمَّل انخفاضه إلى (80) بالمئة في العام المقبل. وجرى خلال الاجتماع توجيه دعواتٍ لشركاتٍ عالميَّةٍ إلى إنشاء منصّاتٍ غازيَّةٍ في ميناء الفاو.

أنباءٌ كهذه تجعلنا نتفاءل بقرب نهاية أزمةٍ اقتصاديَّةٍ مزعجةٍ ومزمنة!