ذو الفقار يوسف
تمر السنون، هكذا علمنا الزمن للحد الذي جعلنا نرضخ للوقت ومصيرنا أمامه، فتتعاقب الأعوام بسرعة ومعها أعمارنا، ولأننا بشر لا نبالي بذلك، لا نعطي لوقتنا في هذه الدنيا أهميته التي يجب أن تكون، فتارة نكون أولئك العاجزين عن فعل الأشياء التي يجب ألا نؤجلها، بإرادتنا نفعل ذلك، وننتظر أن ينتهي يوم لم يحالفنا الحظ فيه تارة أخرى، عسى أن نلتمس حسن الحظ في اليوم الذي يليه، ومع كل تلك الارهاصات، أتت الحداثة والتطور ودخول التكنولوجيا لتزيدها علينا، لتشغلنا عما يجب أن نفعل، فنسينا صحة أجسادنا وقبل ذلك العقل وصحته، واستبدلنا ذلك بمراقبة هواتفنا التي ضجت بالتطبيقات، وابتعدنا عن وسائل التعليم الصحيحة مثل القراءة والكتابة واكتساب المعارف، ليس هذا كل ما حدث، فقد أغفلنا عن التواصل مع أفراد أسرتنا، فلا حديث يتعدى عشر دقائق مع أم أو أخت وأب، لننسلخ بعد ذلك بتمادٍ لنبتعد عن الحديث مع أطفالنا.
وبمرور الوقت أمسينا لا نرى أكثر من ذلك المسير الذي رسمته الالتزامات لنا، لتفصل أيامنا الوقت لنا وليس العكس، فتتكرر الأيام، وتسود السطحية في تفاصيل حياتنا بملل، ليكون الشباب فينا كالآلة التي تعيد تكرار نفسها كل يوم.
إن ما تعلمناه في العام السابق يجعلنا نتيقن بأن وعودنا بالتغيير ما هي إلا أضعف الإيمان أمام ضميرنا الذي يشتغل في آخر ليلة أو نهاية العام، لا مفر من الرتابة والإعادة، هذا التأكيد القاسي الذي سنعيشه بملء إرادتنا، فماذا يجب أن نفعل؟.
ومع كل هذه المعايير التي وضعناها بأنفسنا لما تبقى من حياتنا القادمة، يختفي توصيفنا كشباب، ذلك الجيل الذي تبنى به الأمم، وتتطور فيه المدن وتزدهر، وألا نكون شعباً يضج بالشباب بلا شباب، وها نحن نكون بكل يفعاننا المؤقت شيبة منذ صغرنا، بالتأجيل واللامبالاة والإهمال والعجز وكل التوصيفات التي تطلق على العجزة والقريبين من نهاية حياتهم، ليموت الطموح وتختفي كل مظاهر الانشغال لنحت الإنسان لنفسه ويكون كما يصنفه الكون، ليعطي حق مزايا الشباب التي فضل بها عن بقية أعمار البشرية، لكي لا يجعل بداية عامه كما نهايته، وليقول سأكون هذه المرة شاباً بكل ما للكلمة من معنى.