العطلة الصيفيَّة والتظاهرات

آراء 2019/07/01
...

د. حسين القاصد 
ما أنْ أعلن الصيف ملامحه الحادة، ونثر جمره اللاهب في جميع أنحاء البلاد، التي تبدو خصبة ومهيأة تماماً لما يريد الصيف من تداعيات، حتى خرج المواطنون بتظاهرات مطلبيَّة، استفزها الصيف وجعلها من أهم مطالب الناس؛ ومما لا شك فيه هو أنَّ الكهرباء والماء لا سيما في البصرة الفيحاء على رأس 
المطالب.
منذ أعوامٍ عدة، وبداية تموز أو اقتراب حلوله، يكون موعد ارتفاع صوت المتظاهرين ونزولهم للشارع؛ ولا شك أنَّ شهر تموز فيه مصادفة أخرى غير حرارته اللاهبة، إذ تبدأ العطلة الصيفيَّة للطلبة والأساتذة لجميع المراحل، وهذه العطلة توفر الوقت الكافي للذين كانوا منشغلين بالهم الدراسي، فضلاً عن ديمومة السبب المتجدد كل عام، وهو المطالبات بتعيين حملة الشهادات العليا والخريجين، وتثبيت المحاضرين، وغيرها من الاستحقاقات التي وعدت الحكومة وما زالت تَعِدُ 
بتوفيرها.
التظاهرات لم تنقطع على الرغم من مرور أكثر من دورة انتخابيَّة؛ لذلك قد يتساءل المراقبون، أليسَ لهؤلاء المتظاهرين ممثلون في مجلس النواب أو مجالس المحافظات، أو حتى مجلس الوزراء، أليس منطقياً أنْ يكون ثمة من رشح ممثلاً لشريحة واسعة من هؤلاء المتظاهرين وكسب أصواتهم، أم إنهم لا ممثل لهم أساساً، وإنهم معترضون لأجل الاعتراض لا أكثر، وهو الأمر المستحيل فطلب العيش الكريم من خدمات وكهرباء وماء وحق المواطن في أنْ يحصل على وظيفة بعد أنْ قضى نصف عمره تماماً للحصول على شهادة تؤهله للتعيين، ليس اعتراضاً لأجل الاعتراض.!!
أغلب الوزارات أعلنت وجود تعيينات وطلبت من المواطنين التقديم الكترونياً، لكنَّ هذه الوزارات ليست لديها الدرجات الوظيفيَّة الكافية، لأنَّ درجاتها الوظيفيَّة هي من حركة الملاك، وليست درجات جديدة وفرتها الحكومة.
وعلى الرغم من مرور أكثر من مئتي يومٍ على تشكيل الحكومة التي تمتازُ بأنها الأهدأ حتى الآن، بفضل الهدوء السياسي والأمني، إلا أنَّ هذه الفترة التي مرَّت تعدُّ كافية لحل الكثير من الأزمات ومنها أزمة توفير الوظائف لأكبر شريحة في المجتمع وهي شريحة الخريجين.
تضخ الجامعات كل عام مئات الشهادات العليا، لكنَّ الحاصل عليها يكتفي بتأطيرها ووضعها في غرفة الاستقبال أو في مكتبته، ثم يلتحق بالمتظاهرين إنْ في ساحة التحرير أو أمام الوزارات، أو أمام مباني المحافظات؛ لذلك واستثماراً لهذا الهدوء والتوافق السياسي لنا أنْ نتساءل، أما آن الأوان لاستقطاب شركات الإعمار وزج الشباب في مشاريع إعمار البلاد واستثمار طاقاتهم بدلاً من هدرها في ساحات التظاهرات، وهل من موعدٍ في الأفق ليجد المتظاهرون من يحدد لهم سقفاً زمنياً لتحقيق مطالبهم، لنا أنْ نسأل فقط، وعلينا أنْ ننتظر لكنْ من
 دون فقط.