خافيير كويستا
ترجمة: شيماء ميران
لغرض تجاوز تأثير العقوبات الدولية، تسعى الشركات الزراعية الروسية لمقايضة الحُمص مقابل الارز واليوسفي مع دول آسيوية أخرى. وقد وضع الكرملين توجيها لمثل هكذا تعاملات، وهو متأكد بأن المقايضة ستزيد من القدرة التنافسية.
لقد ضغطت العقوبات المصرفية الدولية على الشركات الروسية لتغيير طريقة عملها. ومن المعروف أن المقايضة التجارية ممارسة قديمة تعود إلى العصر الحجري الحديث، كانت قد استخدمت خلال الأزمات الاقتصادية السابقة، وبالنسبة للشركات الروسية حلّت المقايضة بديلا عن محاولتها التحايل على العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا عقب غزوها اوكرانيا قبل نحو ثلاث سنوات. حتى أن الكرملين وضع دليلا لهذه التعاملات البدائية، بعد فشل محاولات استبدال الواردات بمشروع "صنع في روسيا".
فقبل ثلاثة أشهر، وقعت شركة "استارتا للتجارة الزراعية" اتفاقيتين مهمتين مع الباكستان، ويقول مالكها "ستانيسلاف نيفينيتسين" لوكالة انباء انترفاكس الروسية: "سنقوم باستبدال الحمص بالأرز مع شركة، والحمص باليوسفي مع شركة أخرى".
يحدد هذا الإعلان التجربة الرئيسة الأولى لهذا النوع من التعاملات. ويبدو أن التبادل الذي يتم حسب الوزن والضرائب الجمركية المستقبلية من الأمور التي لم يتم حلّها. مع ان تجارة الحمص مقابل الأرز تبدأ من عشرة آلاف طن، لكن هناك بعض الثغرات التي ينبغي معالجتها عبر الاتفاقية قبل بدء العمل بها قريبا. يقول "نيفينيتسين": "لا نستطيع تقدير حجم اليوسفي وسنحتاج لتدقيق الأحجام عند التنفيذ".
في آب الماضي، وبحسب وكالة رويترز، ناقشت العديد من الشركات الروسية والصينية امكانية المقايضة، رغم عدم اضفاء الطابع الرسمي على اي تبادل كبير حتى الآن.
تؤكد مصادر تجارية روسية لصحيفة "البايس" الاسبانية استمرار التأخيرات والعراقيل في المدفوعات عبر البنوك الصينية. مع أن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ناقش خلال رحلته إلى الصين في أيار الماضي مع نظيره الصيني "شي جين بينغ" هذه المشكلات، لكن المؤسسات الصينية مستمرة بالالتزام بالعقوبات الاميركية. وبحسب المصادر ذاتها، فإن الحل الوحيد امام الشركات الروسية هو "القفز" من بنك صيني اقليمي إلى آخر حين تُرفض التعاملات الدولية.
جوانب سلبية وإيجابية
لقد أعادت اتفاقيات شركة ""استارتا للتجارة الزراعية" تنشيط مبادرة الكرملين التي بدت وكأنها تندثر، وهي التي كانت قائدة المقايضة في التجارة الخارجية. خلال الربيع الماضي، اطلقت وزارة التنمية الاقتصادية دليلا لتوجيه الشركات من خلال الالتزام بالتنظيم اثناء المقايضة. كما تضمن صيغ عقود مختلفة وبروتوكولات لتحديد قيمة السلع والخدمات المتبادلة.
تقول "فيرونيكا نيكيشينا"، المدير العام لمركز التصدير الروسي: "سيؤدي هذا إلى تحسين القدرة التنافسية للشركات الروسية على الساحة الدولية". وبعد إعلان الدليل بوقت قصير، عيّن "بوتين" "أندريه بيلوسوف" وزير دفاع جديد.
تقول الحكومة الروسية: "إن المقايضة مفيدة خصوصا في أوقات التقلبات والقيود النقدية، إذ إنها تعزز الثقة المتبادلة وعروضها تكون أكثر جاذبية. ويمكن لها أن تسمح للشركات بتقليل تكلفة الحصول على السلع والخدمات الضرورية، وتقديم أسعار أكثر تنافسية".
لكن المقايضة قد تثير بعض المخاوف ايضا. أولا، ربما تجعل التهرب من الضرائب الجمركية أسهل من خلال تحديد قيمة المنتج بمعيار شخصي. وتُبقي اعتماد الشركات الروسية على سيولة العملة الاجنبية لكي تكون قادرة على استيراد الآلات والمواد الخام. وفي حديث "أركيدي زلوتشوفسكي"، رئيس اتحاد الحبوب الروسي، مع صحيفة موسكو تايمز قال: "نحن بحاجة إلى المال لصادراتنا وليس اليوسفي".
اضافة إلى توصياته بأن تتفق الشركات على كيفية تعبئة المنتجات ودراسة معدل الجمارك التي سيدفعونها تحسبا لاي مفاجآت يمكن أن تصدم بها لاحقا، ويتضمن الدليل ايجازا يصف حساب المعاملات لتقدير قيمة المنتج.
تركز المقايضة على الغذاء بنحو خاص، كونه القطاع الذي اعتمدت عليه روسيا في انتاجها بنجاح بشكل او بآخر منذ عام 2014، بعد أن فرضت موسكو قيودا على واردات المنتجات الزراعية الاوروبية ردا منها على العقوبات المفروضة عليها عقب ضمها غير القانوني لشبه جزيرة
القرم.
منذ أن بدأت حرب أوكرانيا، اتخذ الكرملين سلسلة اجراءات من التدابير للتهرب من العقوبات الدولية، فبالإضافة إلى المقايضة، شرّع بعض المنتجات المحظورة والتي تشير اليها موسكو باسم "الواردات الموازية". ووفق المبادرة التي تمت الموافقة عليها عام 2022 باشرت شراء المنتجات الاجنبية من دون موافقة مصنعيها.
عن صحيفة إلبايس الاسبانية