صراع وجودي على الموارد وطرق التجارة

اقتصادية 2025/01/07
...

 فارس أل سلمان *

وضعت الثورة الصناعية الرابعة (ثورة الذكاء الاصطناعي) العالم على مفترق طرق، إذ ستتحكم الروبوتات بكل شيء تقريبا، وسيجري التوسع باستخدامها في المجال العسكري، حيث سيتم الاستغناء عن جيوش المشاة البشرية وسيستعاض عنها بالجنود الآليين والكلاب الآلية المسلحة، كما سيتم التوسع باستخدام الدبابات غير المأهولة والطائرات الأم المسيرة التي بدورها تطلق مسيرات قاصفة أو انتحارية، وهذا سيكون حلا اقتصاديا ولوجستيا فعالا في الجيوش الكبيرة المنتشرة حول العالم، فالجندي الآلي لا يحتاج إلى مخصصات مالية ولا رعاية طبية ولا لطعام وماء وغيرها، كما لا يحتاج إلى أماكن إيواء وإقامة ومنام واسعة ومكيفة، إذ يمكن خزن أعداد كبيرة من الجنود الآليين في حاويات اعتيادية كتلك التي تستخدم في الشحن البحري. ويمكن تنشيط ملايين الجنود الآليين عند الحاجة بإشعار عن طريق رسالة إلكترونية.

وهنا يكمن التحدي، إذ ستحاول الدول الكبرى السيطرة على الموارد في كوكب الأرض، وهذا يتطلب أولا السيطرة على مصادر المعادن الداخلة في تصنيع الرقائق الإلكترونية المتناهية الصغر أولا لإنتاج المزيد من الروبوتات، وثانيا لحرمان الخصوم من السيطرة عليها. لذلك نرى روسيا تحاول دعم أمنها القومي بالسيطرة على شرق أوكرانيا حيث مصادر الحديد والليثيوم واليورانيوم والفحم وغيرها، يضاف إلى ذلك الموقع الجغرافي الحاكم والمطل على سواحل البحر الأسود.

منذ العام 2013 تصاعدت حدة التنافس الدولي في منطقة القطب الشمالي، التي تتصارع عليها كل من كندا وروسيا وأميركا والنرويج والدانمارك وفنلندا، وانضمت الصين لهذا التنافس رغم أنها غير مطلة جغرافيا على القطب الشمالي، إذ تمتلك خمس دول مناطق اقتصادية خالصة في منطقة القطب الشمالي، بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وتتمتع هذه الدول بالحق القانوني في استغلال الموارد داخل مناطقها الاقتصادية الخالصة. هذه الدول هي كندا، وروسيا، والدنمارك، والنرويج، والولايات المتحدة (على الرغم من أن الولايات المتحدة لم توقع بعد على المعاهدة، إذ تعد المعاهدة بمثابة قانون دولي عرفي وتلتزم به). وتملك روسيا الإطلالة الأكبر بما يتجاوز 50 % من سواحل القطب الشمالي. لذلك فإن كفتها أرجح. وللتغلب على هذه المعضلة قررت الولايات المتحدة وعن طريق الرئيس المنتخب ترامب، أن تنتزع غرينلاند من الدانمارك، رغم أن الأخيرة حليفة للولايات المتحدة وعضو في حلف الناتو. 

في 2015 صدرت دراسة عن جامعة "ستانفورد" الأميركية، قدرت أن منطقة القطب الشمالي تحتوي على: 90  مليار برميل من النفط (5.13 % من حجم احتياطيات العالم). 1.7 تريليون قدم مكعب من الغاز (21.5 % من الاحتياطي العالمي). بينما تقدر هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن احتياطيات النفط غير المكتشفة في القطب الشمالي تصل إلى 22 % من الإجمالي العالمي، أي نحو 386 مليار برميل من النفط. كما أجرت بحثًا عن الموارد غير المكتشفة شمال الدائرة القطبية الشمالية، فضلا عن كميات هائلة من النيكل والماس والزنك، إضافة إلى ما يعرف بالعناصر الطبيعية النادرة، وهي المواد التي تستخدم في صناعات مختلفة بينها الصناعات العسكرية.

أسهم الاحتباس الحراري وذوبان الجليد بتشجيع الدول الكبرى على السيطرة على المنطقة، إذ يتوقع العلماء أن يصبح المحيط الشمالي خاليًا من الجليد قبل 2050 أو قبلها بقليل، إذ بدات مساحات واسعة من المياه تتكشف وأصبح التنقيب والملاحة ممكنين، وانطلقت أنشطة اقتصادية وتجارية وعسكرية في المنطقة بعد أن كانت مستحيلة قبيل ذوبان الجليد.

يشتد التنافس بين القوى الكبرى في منطقة القطب الشمالي، بهدف السيطرة على ثروات تقدّر بترليونات الدولارات، وتسارعت الأنشطة الأميركية والروسية والصينية لإقامة مناطق استيطان أو توسع، للسيطرة على المكامن تحت الجليد، واتخذت هذه الأنشطة شكل بعثات علمية ومناورات عسكرية وتحركات دبلوماسية.

ويعتبر المفهوم الإستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، أن قدرات روسيا في أقصى الشمال هي تحد إستراتيجي للحلف، بينما تنص العقيدة البحرية الروسية الجديدة على أن القطب الشمالي "يتحول إلى منطقة منافسة دولية اقتصادية وعسكرية.

ففي عام 2007 أطلقت روسيا غواصتين لزرع علم لها في المنطقة، وقد واجهت انتقادات غربية، وأتبعت ذلك بتحركات علمية وقانونية، وأرسلت بعثات علمية إلى القطب الشمالي، وطالبت روسيا في خطاب الأمم المتحدة بأحقيتها في مساحة إضافية تعادل مساحة فرنسا وألمانيا معا، بذات الوقت عززت قدرات أسطول الشمال وأدخلت إليه أسلحة فتاكة، بينها "الطوربيد بوسيدون" ذو القدرات النووية الهائلة. وباشرت بناء أسطول من كاسحات جليد نووية.

كما زادت الولايات المتحدة من أعداد بعثاتها العلمية والعسكرية، وتعزيز علاقاتها مع دول الشمال الأوروبي، وسعت لشراء جزيرة غرينلاند، وبنت الصين أول كاسحة جليد نووية ووقعت اتفاقيات مع روسيا للتنقيب عن النفط والغاز، في محاولةٍ لخلق تحالف بين الجانبين لمواجهة التحالف الغربي.

يتكون القطب الشمالي من مناطق فرعية متعددة: القطب الشمالي الروسي، والقطب الشمالي الكندي، وغرينلاند، وألاسكا الشمالية (الولايات المتحدة الأميركية)، وسفالبارد (النرويج)، وأيسلندا، وفينوسكنديا. وتجعل مجموعة بحار القطب الشمالي- بحر غرينلاند، وبحر بارنتس، وبحر كارا، وبحر لابتيف، وبحر سيبيريا الشرقي، وبحر تشاكشي، وبحر بوفورت، من المنطقة كنزا كبيرا غنيا بمجموعة متنوعة من الموارد الطبيعية.

يحتوي القطب الشمالي على رواسب هائلة من الموارد المعدنية ذات القيمة الاقتصادية، إذ تتوفر رواسب كبيرة من الفوسفات والبوكسيت والماس وخام الحديد والذهب، وكذلك رواسب الفضة والنحاس والزنك، لكن استخراج الموارد أمر بالغ الصعوبة، وكشفت القمم الجليدية المتراجعة في غرينلاند عن رواسب من معادن أرضية نادرة ومعادن أخرى، ما أثار سباقًا بين أوروبا والصين على الوصول إلى هذا المورد، كان لدى غرينلاند منجم واحد فقط قيد التشغيل في عام 2012، بينما خُطط لأكثر من 100 موقع جديد. منجم الفحم بارينتسبورغ في جزيرة سفالبارد النرويجية مفتوح، لكنه عانى من خسائر قبل الحرب الأوكرانية، وانخرطت أكثر من 40 شركة في التنقيب الحيوي في القطب الشمالي منذ عام 2009.

اشتد التنافس الدولي في القطب الشمالي، وأصبح صراعا على المعادن الثمينة؛ وخصوصا التي يجري استخدامها في تصنيع السيارات الكهربائية، وأجهزة الطاقات المتجددة، إضافة للحديد والزنك والذهب والفضة والفحم والأحجار الكريمة، وتُقدّر قيمة المعادن الموجودة في المنطقة بأكثر من 2 تريليون دولار، وتمتلك شبه جزيرة "كولا" الموجودة في أقصى الشمال الروسي، كميات كبيرة من هذه المعادن، أما الجرف القاري الكندي، فيحتوي على معادن كثيرة، منها الذهب والنحاس واليورانيوم، ونظراً لأن الصين تتحكم في قرابة 90 % من الإنتاج العالمي لهذه المعادن وتستخدمها كورقة ضغط ضد الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية، فقد تصاعد التنافس الدولي على معادن القطب الشمالي لإضعاف ورقة الضغط الصينية.

أعلنت الصين أنها دولة شبه قطبية شمالية، وأن منطقة القطب ليست ضمن الحدود الإقليمية للدول المشاطئة للقطب الشمالي فقط؛ لأنها ملك الإنسانية جمعاء، واستثمرت الصين نحو 90 مليار دولار بين عامي 2012 و2017 في المنطقة، وأصدرت وثيقة سياسة الكتاب الأبيض لحماية البيئة ودعم الحوكمة وأسس البحث العلمي في المناطق القطبية.

وبداية 2018 أعلنت الصين مشروع طريق الحرير القطبي، باعتباره جزءاً من مبادرة الحزام والطريق، ووقَّعت على عدة صفقات مع روسيا حول التنمية المتكاملة لتلك المنطقة، وبنت أول كاسحة جليدية تعمل بالطاقة النووية في القطب الشمالي عام 2020، بهدف الوصول إلى موارد الطاقة والثروات الطبيعية في المنطقة، وتكريس نفوذها بالقطب الشمالي باعتبارها من القوى الكبرى.

تعدّ طرق التجارة في القطب الشمالي مهمة للدول الكبرى. وهناك 3 ممرات للشحن هي: الممر الشمالي الشرقي، والممر الشمالي الغربي، والممر العابر للقطب، وبينما تُستخدم هذه الممرات حاليًا، أصبحت الممرات الأخرى التي كان يتعذر الوصول إليها في السابق متاحة الآن بسبب التغير المناخي وذوبان الجليد البحري، إذ يقدم المحيط المتجمد الشمالي طرقًا تجارية أقصر بين 80 % من معظم الدول الصناعية، وهذا خيار براق يقدم استهلاكا أقل للوقود، وانبعاثات كربونية أقل، ونقلا أسرع للبضائع.

نفذت روسيا في آب/ 2007 (حملة دعائية) وغطاها التلفزيون الروسي، إذ غرست غواصتان روسيتان في بعثة أركتيكا 2017 العلم الروسي في قاع البحر في القطب الشمالي، في محاولة رمزية لتعزيز مطالبة روسيا المتنازع عليها، ولم تعترف أي دولة أخرى في القطب الشمالي بهذه الفعالية.

كانت روسيا في عام 1915 أول دولة تنقب في القطب الشمالي، واستمرت في الحفر في المنطقة منذ ذلك الحين.

بالمقابل قامت أميركا بتوسيع حدودها في الجرف القاري بالقطب الشمالي، وتسرّع من وتيرة جهودها لتأمين إمداداتها من المعادن الضرورية. يمتد أكثر من نصف الجرف القاري الأميركي - 520400 كم مربع - شمال ألاسكا باتجاه المحيط المتجمد الشمالي، وتحتاج الولايات المتحدة إلى ترسيم حدود بحرية في المستقبل مع كندا وجزر البهاما واليابان.

أطلقت أميركا إشارة بدء صراع الثروات المعدنية في القطب الشمالي، بعد أن أعلنت توسيع حدودها في تلك المنطقة لاقتناص ثرواتها التي تُقدَّر بترليونات الدولارات، ووسّعت سيطرتها على قاع المحيط بمساحة تعادل ضعف مساحة ولاية كاليفورنيا؛ ما يؤمّن حقوقها في قاع البحار وفق ما أوردته شبكة بلومبرغ.

وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية حدود الجرف القاري في القطب الشمالي والمحيط الهادي وخليج المكسيك، ويرسم إعلان واشنطن - الحدود الخارجية للجرف القاري الأميركي، ممثّلة بالأراضي البحرية التابعة للولايات المتحدة تحت سطح البحر، وبموجب القانون الدولي، تمتلك الدول حقوقًا اقتصادية في الموارد الطبيعية على/ وأسفل قاع البحر على أساس حدود الجرف القاري. جاء الإعلان الأميركي ليكشف عن صراع الثروات المعدنية في القطب الشمالي، في حين تسعى واشنطن لتعزيز وصولها إلى المعادن الحيوية في المنطقة، فضلا عن أن الدافع والمحفز للصراع هو احتواء الجرف القاري الأميركي على 50 نوعًا من المعادن الصلبة، من بينها الليثيوم والتيلوريوم، و16 نوعا من المعادن الأرضية النادرة، وفق ما أعلنه أستاذ القانون البحري في كلية الحرب البحرية الأميركية جيمس كراسكا، بمقالة كتبها مؤخرًا، وتنظّم اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي لم تصادق عليها الولايات المتحدة حتى الآن، المناطق البحرية حول البلدان. وتسمح الاتفاقية للدول بالحصول على أيّ موارد في البحر أو قاعه داخل ما يسمى مناطقها الاقتصادية الخالصة، التي يمكن أن تمتد حتى 200 ميل بحري قبالة الساحل.

انتظرت روسيا والدنمارك وكندا سنوات كي تُراجع مطالباتها المتداخلة في قاع البحر القطبي الشمالي من قبل لجنة حدود الجرف القاري، وهي مجموعة تدعمها الأمم المتحدة، وكانت روسيا أول من حصل على حكم عام (2023). وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة ستحتاج إلى ترسيم حدود بحرية في المستقبل مع كندا وجزر البهاما واليابان، إذ تتداخل مطالباتها في هذا الخصوص.

وأضافت أن الولايات المتحدة تستعمل القواعد نفسها لتحديد جرفها القاري الممتد كما هو الحال في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي قالت، إن إدارة بايدن تدعم الانضمام إليها. في آذار/ 2021، أعلنت الولايات المتحدة استراتيجية كبرى لما أسمته "استعادة الهيمنة في القطب الشمالي"، وتشمل عدداً من الأهداف والسياسات، منها: إنشاء مقر تشغيلي متعدد المجالات، مع ألوية قتالية مدرَّبة ومجهَّزة، وتحسين الاستعداد في العتاد؛ لتنفيذ عمليات موسَّعة بالمنطقة، وتحسين التدريب الفردي والجماعي، وتحسين نوعية الحياة للجنود والمدنيين والعائلات المقيمين في المنطقة.

وفي منتصف حزيران/ 2022، أعلنت روسيا بدء تنفيذ مشروع "سنيجينكا للطاقة المتجددة في القطب الشمالي"، وذلك بعد تعليق عضويتها في مجلس القطب الشمالي كجزء من العقوبات الغربية ضدها بعد غزوها لأوكرانيا. وأكدت أن قرارات المجلس غير شرعية من دون مشاركتها.

 وبشأن تصريحات الرئيس المنتخب دونالد ترامب الأخيرة حول الاستحواذ على غرينلاند واستعادة السيطرة على قناة بنما، قال مسؤول انتقالي في إدارة ترامب، إن ما يربط بين تعليقات الرئيس المنتخب حول كندا والمكسيك وغرينلاند وبنما، هو رغبته بمواجهة النفوذ الروسي والصيني. وتعد غرينلاند محورية بالنسبة لصانعي السياسة الأميركية، نظرا لموقعها الإستراتيجي في القطب الشمالي ومواردها، ويعود اهتمام ترامب بالاستحواذ على غرينلاند إلى عام 2019.

في حين رفضت الدانمارك تصريحات ترامب. وقال دبلوماسي دانماركي سابق إن اهتمام الولايات المتحدة بغرينلاند يتماشى مع مصالحها الإستراتيجية. وتنبأ هذا الدبلوماسي بأن "شيئا ما سيحدث على الأرجح مع غرينلاند خلال السنوات الـ 10 أو الـ 15 المقبلة، وربما تستقل، وهذه الاحتمالات تدفع الولايات المتحدة لأن تتحرك الآن تحسبا لأي تغيرات مستقبلية". إن الأهمية الإستراتيجية لقناة بنما تكمن في دورها المحوري كمعبر بحري حيوي يربط المحيط الأطلسي والمحيط الهادي، مما يجعلها ممرا رئيسيا للبضائع والحركة العسكرية الأميركية.

كما أن هناك مخاوف أميركية متزايدة من النفوذ الصيني على الموانئ العالمية، خصوصا القريبة من القناة، مما يعزز قلق الولايات المتحدة من التأثير في عملياتها العسكرية في حالة حدوث أزمة وطنية أو نزاعات تتعلق بأمنها القومي، مثل الصراع على تايوان. وتسيطر بنما على القناة، التي تربط المحيطين الأطلسي والهادئ، منذ ما يقرب من 25 عامًا. واشتكى ترامب من "أسعار المرور الباهظة"، وقال إن الولايات المتحدة "تتعرض للخداع". وسيكون ذلك مبررا للولايات المتحدة كي تستولي على القناة. 

ويمكن أيضًا اعتبار الحديث عن شراء غرينلاند بمثابة لعبة أمن قومي. ويعتبر القطب الشمالي منطقة رئيسية حيث تتطلع الولايات المتحدة إلى مواجهة روسيا والصين، كما أن غرينلاند غنية بالموارد الطبيعية. وقال ترامب في عام 2019 إن شراء غرينلاند، ذات الحكم الذاتي والمملوكة للدنمارك، أمر مثير للاهتمام "إستراتيجيًا"، مما أثار رد فعل غاضبا من رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن في ذلك الوقت. وفي منشور على موقع تروث سوشيال، أعلن فيه اختياره لسفير بلاده لدى الدنمارك الأسبوع الماضي، أوضح ترامب أن ملكية الولايات المتحدة لجزيرة غرينلاند "ضرورة مطلقة".

ورد رئيس الوزراء في غرينلاند موتي إيجيدي، أن غرينلاند "لن تكون للبيع أبدًا"، وأعلنت الدنمارك حزمة جديدة لتعزيز أمن جزيرة القطب الشمالي. وقال الخبير الإستراتيجي الجمهوري فورد أوكونيل بشأن حديث ترامب عن غرينلاند وكندا وقناة بنما معًا: "ما الذي يقوله حقًا هنا؟ بصوت عالٍ، إنه يتحدث عن إعادة فرض مبدأ مونرو، وسيطرة الولايات المتحدة على نصف الكرة الغربي".

واللافت للنظر أن موتي إيجيدي رئيس وزراء غرينلاند، وفي خطاب بمناسبة السنة الجديدة 2025 قال: "لقد حان الوقت الآن لاتخاذ الخطوة التالية لبلدنا". وأضاف: "مثل دول أخرى في العالم، يجب أن نعمل على إزالة العقبات التي تعترضنا، والتي يمكننا وصفها بأغلال الحقبة الاستعمارية، والمضي قدماً"، حسبما نقلت عنه صحيفة "بوليتيكو" الصادرة في واشنطن. وهو يلمح بذلك للاستقلال عن الدانمارك.. ويبدو واضحا أن العم سام قد أعاد ( برمجة إعدادات السيد إيجيدي) بحيث تغير موقفه إلى النقيض خلال فترة قصيرة.

يذكر أنه في عام 1940م، وأثناء الحرب العالمية الثانية، غزا الألمان الدنمارك، وتكفلت الولايات المتحدة عام 1941م بالدفاع عن غرينلاند، وتمكنت بالتعاون مع المقاومة الدانماركية من تدمير محطات الأرصاد التي أقامتها ألمانيا في الجزيرة، وأقامت الولايات المتحدة عدة محطات وقواعد عسكرية فيها. 

أما كندا، فهي مثل غرينلاند غنية بالموارد ومطلة على القطب الشمالي. في حال نجح ترامب بضم كندا للولايات المتحدة، ستكون المساحة 19.7 مليون كم مربع = 12 % من مساحة اليابسة على الأرض، ما يجعلها أكبر الدول في العالم، متجاوزة روسيا (17 مليون كم مربع)، معززة بـ 200 مليار برميل من احتياطيات النفط المؤكدة، واحتياطي هائل من المعادن والأخشاب، وستصبح أكبر مصدر للمياه العذبة في العالم، وسيكون عدد سكانها 381 

مليونا.


• رئيس الهيئة الإدارية لمنتدى بغداد الاقتصادي