الاقتصاد المعرفي وعصر المعلوماتية

اقتصادية 2025/01/08
...

ياسر المتولي 


ما السبيل لتحقيق التنمية المستدامة ؟

أو بالأحرى، ما هي متطلباتها؟.

المبدأ الاقتصادي الذي يحدد مسار التنمية يستند إلى مدى القدرة على تنويع مصادر الاقتصاد، وعدم الاعتماد على مصدر واحد (النفط) أحادي المورد بالنسبة للعراق، على سبيل المثال .

إذن، فإن المطلب الأساس لتحقيق تنمية مستدامة هو تنويع الاقتصاد، ويتم ذلك عن طريق تفعيل القطاعات التقليدية المتمثلة بالقطاعات الإنتاجية والخدمية .

غير أن هذا المفهوم مع المتغيرات والتحولات التي حدثت في عهد الثورة الصناعية الرابعة بات غير كافٍ، بل أضيف مطلب آخر أهم، هو انتهاج الاقتصاد المعرفي تمهيداً لدخول عصر المعلوماتية، وهو الذي يأتي مباشرة بعد عصر المعرفة.

وتفيد تجارب عالمية سبقتنا بهذا التوجه، بأن نسبة الاعتماد على القطاعات التقليدية تشكل 17 بالمئةً في الصناعات الاستخراجية والنفط والغاز لتحقيق هدف التنمية المستدامة، وما تبقى يعتمد على الاقتصاد المعرفي الذي يعنى  بالاختراعات والتكنولوجيا وتحسين كفاءة الصناعة والزراعة، في مختلف قطاعاتها الإنتاجية والخدمية. 

يأتي ذلك في وضع اقتصادات مستقرة ومهيأة للتركيز على الاقتصاد المعرفي الذي أسسه وبناه التحتية متوفرة لديها .

إلا أن وضع العراق مختلف في أن الخلل البنيوي سمة ملاصقة للاقتصاد العراقي، لذلك يتطلب التركيز ابتداءً على تفعيل القطاعات الإنتاجية والخدمية لإصلاح التشوهات الناتجة عن الخلل المذكور، ولبناء قاعدة رصينة وبنى تحتية أساسية لتحقيق التنمية  .

وبموازاة ذلك، يتطلب الاهتمام بالاقتصاد المعرفي، وهو مبدأ اقتصادي دخل حديثاً، يستهدف العمالة المتعلمة، أي التعليم المهني، والتدريب المهني الذي تراجع في العراق، والآن تسعى الحكومة وتخطط لإعادة إحيائه لأهميته في تحقيق مسار التنمية المستدامةً.

إن الاقتصاد المعرفي يتميز بمزايا مهمة، فمن خلال التعليم المهني يمكن معالجة الخطأ الحاصل في تخطيط القوى العاملة، كما يخفف من الضغط على التعليم الجامعي غير المخطط، إذ أصبحت الجامعات تتوسع أفقياً من دون جدوى وعمقت مشكلة ثقافة التعويل على الدولة في إيجاد فرص العمل، في وقت عدم قدرة الدولة على استيعاب هذه الأعداد .

إن وظائف المستقبل في ظل التطور الرقمي والاقتصادي المعرفي ستتركز أغلبها في القطاع الخاص وريادة الأعمال على المدى البعيد في العراق، لذلك لابد من خلق أرضية في بناء جيل معرفي وتوجيهه نحو إدارة وظائف المستقبل، إذ إن الذكاء الاصطناعي ينذر بحذف آلاف إن لم نقل ملايين فرص العمل من الوجود، لذلك لابد من خلق وظائف بديلة لاستيعاب مخرجات الدراسات التقنية الفنية المهمة .

هذا هو واقع الحال والتنبؤات والتوقعات لمستقبل الوظائف الجديدة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة، والاستعداد لدخول عصر اقتصاد المعلوماتية الذي هو بلا شك تطور يعقب عصر اقتصاد المعرفة، فكلاهما تطور حتمي يعيد بناء الاقتصاد العالمي بطرق مبتكرة وسريعة، ما يجعل المعلومات هي المحرك الأساس للنمو والتطور، فلا بد من اللحاق بركب العالم في العلوم والمعرفة واقتصاد المعلوماتية.