طه جزاع
في كتابه "عصر التطرُّفات" الذي ترجمه فايز الصياغ وصدر عن المنظمة العربية للترجمة يُقّسم المؤرخ الماركسي المعاصر إريك هوبزباوم التاريخ الوجيز للقرن العشرين من العام (1914) وحتى العام (1991) على: عصر الكارثة، والعصر الذهبي، وعصر الانهيار. ثم يتحدث عن عصر التطرُّفات في العالمين العربي والإسلامي، مؤكداً أنَّ القرن العشرين هو العصر الأكثر خروجاً عن المألوف في تاريخ البشرية، وأنَّ الشرق الأوسط أصبح، وسيظل منطقة عدم استقرار على الصعيد العالمي، لا يمكن السيطرة عليه من جانب أي من القوى المحلية أو الخارجية، وحتى قبل غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، فإنَّ المنطقة عاشت ست حروب، فضلاً عن اندلاع الثورات والصراعات والحروب
الأهلية.
يستنتج هوبزباوم في تحليله لتاريخ العالم الثالث أنَّ نهاية الحرب الباردة قد تركت منطقة الشرق الأوسط أكثر قابلية للانفجار من أي وقت مضى. وقد تحققت بالفعل هذه الرؤية التي كانت مستقبلية في وقتها، مع غزو العراق بدايات الألفية الثالثة وحرب اليمن وثورات ما سمي بالربيع العربي في تونس وليبيا ومصر، وظهور الحركات الإسلامية المتطرفة، والحرب على القاعدة وداعش، ثم الحرب في سوريا وما انتهت إليه، ناهيك عن حرب الإبادة الجماعية الصهيونية على غزّة وجنوب لبنان التي ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات بسبب النزعة العدوانية للكيان الصهيوني وقادته الرافضين لأي تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
يستعير هوبزباوم من الشاعر البريطاني الشهير إليوت مقولته: "سينتهي العالَم لا بضجة مدويّة، بل بنشيج"، لكنه يضيف لها: "غير أنَّ القرن العشرين انتهى
بكليهما"!.