911 نقلة نوعيَّة في الاستجابة لحالات الطوارئ

ريبورتاج 2025/01/12
...

   بغداد: ودق الجميلي وسرور العلي

تمكن أحمد خلف وأسرته من النجاة بعد اندلاع حريق في منزلهم في ساعة متأخرة من الليل. حينها اتصلوا فوراً برقم الطوارئ (911). ومن خلال استجابة سريعة، وصل رجال الإطفاء إلى الموقع خلال ثلاث أو أربع دقائق فقط، وهو ما يعكس سرعة وكفاءة خدمات الطوارئ في المنطقة.

في حديثه لـ"الصباح"، عبّر أحمد عن تقديره العالي لهذه الاستجابة، مشيراً إلى الاحترافية العالية التي أظهرها فريق الإطفاء، حيث كان كل فرد في الفريق يعرف واجباته ودوره بدقة، ما ساعد في احتواء الحريق بسرعة كبيرة. وأكد أن مستوى التدريب والتنظيم الذي يتمتع به أفراد الفريق، الذين كان معظمهم في سن الشباب، حاسم في هذا الأداء المتميز.



 وفي خطوة لتعزيز هذه الخدمات، قام رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، بافتتاح مشروع رقم الطوارئ الموحد (911) في مديرية الاستجابة والسيطرة المركزية التابعة لوزارة الداخلية، بهدف تحسين الاستجابة لبلاغات المواطنين والشكاوى باستخدام تقنيات حديثة ومتطورة.

وأكد السوداني خلال حفل الافتتاح الذي تزامن مع عيد تأسيس الشرطة العراقية، أهمية هذا المشروع الذي يمثل أحد أهداف رؤية الحكومة في تطوير البنية التحتية الأمنية والخدمية، وتعزيز القدرة على الاستجابة السريعة للطوارئ، وتحقيق التواصل الفاعل مع المواطن على مدار (24) ساعة في اليوم، في الإبلاغ عن الحالات الطارئة والمشبوهة. 

وأوضح رئيس مجلس الوزراء أن رقم (911)، ليس مجرد خط ساخن، بل هو العمود الفقري لنظام الاستجابة الطارئ، وتم اعتماده ليكون مرجعاً موحداً من أجل توحيد جهود جميع مفاصل وتشكيلات وزارة الداخلية، وباقي الوزارات الخدمية والأمنية، بما يضمن تحسين الأداء، وزيادة الأمان وترسيخ ثقة المواطن بالمؤسسات الأمنية.

ويمثل هذا المشروع، الذي يعد الأول من نوعه في العراق، نقلة نوعية في التحول الرقمي والاتصالات الحديثة، وفرض الأمن وتقديم الخدمات الأمنية والإنسانية.

يُشار إلى أنه جرى استحداث مديرية (الاستجابة السريعة والسيطرة المركزية/ 911) في وزارة الداخلية، بقرار مجلس الأمن الوطني رقم (1) لسنة 2024، بهدف توحيد جميع أرقام الطوارئ البالغ عددها 26 رقماً، برقم واحد هو 911، لضمان سرعة الاستجابة للحوادث والحالات الطارئة، مثل الحوادث المرورية والحرائق والجرائم، إضافة إلى تلقي المعلومات الأمنية والشكاوى والاستفسارات، وإحالتها إلى الجهات المختصة، وإنشاء (51) محطة استجابة فرعية في عموم العراق، بكوادر متخصصة تجيد لغات عدة مستخدمة في العراق.

في تجربة لتقييم أداء المديرية الجديدة، قامت مراسلة "الصباح" بالاتصال على الرقم (911)، ولاقت استجابة سريعة عندما ردّ أحد العاملين في فريق الاستجابة على خط الطوارئ، وأفاد بأن الفريق يمارس مهامه على مدار 24 ساعة يومياً في السيطرة والاستجابة.

وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح، قائلاً "لدينا عدد من المحطات الخارجية لاستقبال الاتصالات من المواطنين، وتحويلها إلى محطات الاستجابة، كما أن لدينا تنسيقاً مع وزارة الصحة والإسعاف الفوري في ما يتعلق بالاستجابة للحالات الطارئة التي تتطلب العلاج الطبي، إضافة إلى التنسيق مع الدفاع المدني".  

وأكد أن أرقام المتصلين تكون قيد الكتمان، ويتم حفظها مباشرة في البطاقة المؤمنة، التي ترسل إلى محطات الاستجابة.

اللواء خالد المحنا، مدير دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية قال في تصريح خاص لـ"الصباح": إن "مشروع الخط الساخن أو مديرية الاستجابة والسيطرة، من المديريات المهمة التي استحدثتها وزارة الداخلية مؤخراً، كونها تمثل الخط الساخن الموحد بالنسبة إلى جميع الخدمات التي تقدمها الوزارة، فضلاً عن أنها تعد بمثابة مركز للقيادة والسيطرة، كونها على تواصل مباشر مع جميع تشكيلات الوزارة".

وأشار المحنا إلى أن الإجراءات في المديرية تتسم بالمهنية، ونظام إلكتروني، وسرعة بالاستجابة، وكذلك فيها تحديد للمواقع، ومتابعة لحركة وصول الدوريات، إلى جانب سرعة الاستجابة لنداءات المواطن.

كما تضم المديرية كماً كبيراً من التقنيات والإمكانيات الفنية واللوجستية، التي تسهل إيصال الخدمات إلى المواطنين، وتحسن من أداء القوات الأمنية في الوقت نفسه، وفقاً للمحنا.

مديرية الدفاع المدني، أكدت بدورها، بدء العمل والتشغيل الفاعل لنظام التبليغ عن حوادث الحريق والإنقاذ عبر الرقم (911)، وفقاً لمدير العلاقات والإعلام في المديرية نؤاس صباح شاكر.

وفي تصريح لـ"الصباح" قال شاكر: إن المديرية تعمل حالياً بهذا النظام بشكل كامل. وأضاف أن "استجابة فرق الدفاع المدني، والنجدة والإسعاف، من خلال تحسين سرعة تلقي النداءات وتوجيه الجهود المناسبة إلى طالبي المساعدة بشكل أكثر دقة وفاعلية".

وأوضح شاكر أن خدمة الرقم الموحد تشمل جميع خدمات الدفاع المدني، بما في ذلك الإطفاء، والإنقاذ، ومعالجة القنابل غير المنفجرة، والاستجابة للحوادث الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، إضافة إلى خدمات شرطة النجدة والإسعاف الفوري التابعة لوزارة الداخلية.

وأشار إلى أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من سلسلة الإنجازات المتميزة التي حققتها وزارة الداخلية، التي تركز على مواكبة التطور العلمي والتقني في جميع المجالات. ويعد هذا النظام مكملًا للإنجازات السابقة، حيث يسهل على المواطنين حفظ الرقم الجديد، كما يسمح بتحديد حركة عجلات الطوارئ ومراقبة توقيت وصولها إلى طالب الاستغاثة. وهذا يساعد في تقليل الوقت، وهو أمر حاسم في الاستجابة السريعة، خاصة في الحالات الطارئة مثل حوادث الحريق أو الإسعاف الفوري، حيث يُعد وقت الوصول عاملاً حاسماً في الحفاظ على حياة المواطنين.

وأشار المتحدث أيضاً إلى أن مديرية الدفاع المدني أطلقت حملات توعية للمواطنين بشأن الرقم الوطني الموحد (911) لضمان استفادة أكبر عدد من الأشخاص من هذه الخدمة الحيوية.

العقيد عزيز ناصر، مدير إعلام شرطة بغداد الكرخ، وصف في حديثه لـ"الصباح"، مشروع الاستجابة الطارئة، بأنه يمثل نقلة نوعية في العمل الإلكتروني للوزارة، "كذلك لضمان أن يكون هنالك رقم واحد مخصص للطوارئ وطلب النجدة، فقد كان هناك عدد كبير من الأرقام يصعب على المواطن حفظها والتواصل معها".

وبين أن "المشروع يضمن السيطرة على حركة الدوريات، وضمان توزيع الاستجابة للحوادث بشكل أمثل، من خلال السيطرة الكاملة على الدوريات، ومتابعة الحوادث بمستوى عال، وهي خطوة هادفة في طريق العمل المؤسساتي".

وأضاف "الرقم 911 هو رقم الطوارئ المعتمد في العديد من الدول حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية، ويتم استخدامه للاتصال بخدمات الطوارئ مثل الشرطة والإطفاء والإسعاف، في حالات الطوارئ التي تتطلب تدخلاً سريعاً، والوصول إلى المساعدة في الحالات الحرجة".

كما أكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، أن الخط الساخن (911)، هـو رقم دولي معمول به في أغلب بلدان المنطقة والعالم، وسيكون له دور كبير في سرعة الاستجابة للحالات الطارئة.

وفي معرض حديثه لـ"الصباح"، قال أبو رغيف: "لن تستغرق الاستجابة أكثر من دقيقة واحدة، ما يقلل من حجم الخسائر ويجعل التعامل مع الحوادث بشكل أسرع".

وأضاف أن "الرقم الجديد يتميز بالدقة والمرونة العالية في استقبال البلاغات، حتى في المناطق النائية، إذ تم تجهيز خطوط خاصة لهذه المناطق، لضمان الاستجابة السريعة، كما أن هوية المتصل ستبقى سرية تمامًا لحمايته، وستجرى جميع الاتصالات بنحو سري، خاصة عند الإبلاغ عن حالات الأمن القومي أو الوطني للبلد".

وأوضح أبو رغيف "يوجد هناك 150 ضابطاً يعملون على مدار اليــوم والساعة، لاستقبال الاتصالات والتعامل معها بحرفية، وهذا الرقم الموحد سيجمع كل أرقام الطوارئ السابقة، مثل النجدة والإسعاف والدفاع المدني، لتسهيل الوصول إلى الخدمة بسرعة".

وخلص إلى أن هذا المشروع يمثل خطوة كبيرة، لتعزيز الثقة بين المواطن والأجهزة الامنية، فهي ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات ليصبح الرقم 911، بادرة خير لفتح خطوط جديدة، لتوطيد الثقة المتبادلة بين الطرفين.