محمد شريف أبو ميسم
في نهاية العام 2019 أقرت الأمم المتحدة اليوم الدولي للمصارف، الذي يقام في 4 كانون أول من كل عام، إذ يهدف بحسب القائمين عليه إلى إلقاء الضوء على الدور الهام الذي تلعبه المصارف في تمويل التنمية المستدامة، من خلال توفير التمويل والمشورة الفنية والمساعدة في تنفيذ المشاريع التي تعزز القضاء على الفقر والحدِّ من عدم المساواة ومكافحة تغير المناخ.
وانطلاقاً من هذا الهدف، يمكن طرح السؤال الآتي: هل أسهمت، وهل تُسهم المصارف المحلية في تمويل التنمية المستدامة، وما هي معدلات مساهمتها في تنفيذ المشاريع التي تعزز القضاء على الفقر والحدِّ من عدم المساواة على ضوء مجموع رساميلها، وودائعها واحتياطياتها؟ وهل مارست الدور الذي وجدت من أجله بعد أن نضجت رساميلها من خلال التأسيس لهذا الدور عبر الاستثمار الليلي ومزاد العملة من عشرة مليارات دينار بحسب قانون المصارف العراقية رقم 94 لسنة 2004 إلى نحو 450 مليار دينار كما في تعليمات المركزي التي اشترطت هذا السقف الأدنى مؤخراً لعمل أي مصرف في الساحة المصرفية العراقية بحلول نهاية الشهر الحالي
بمعنى أن المصرف الذي بدأ بعشرة مليارات دينار في الأعوام التي تلت العام 2004 صار أو سيكون لديه 450 مليار دينار في نهاية هذا الشهر، وإلا سيكون عرضة للدمج أو الإلغاء، وهذا بفضل السياسة النقدية التي اتبعت من أجل دعم القطاع المصرفي العراقي وجعله قطاعاً مؤهلاً للتعامل مع البنوك والمصارف العالمية وفق ما وصلت إليه الصناعة المصرفية العالمية، وبما يجعله قادراً على إدخال التقانات والبرامج المصرفية الحديثة لاتمام التبادلات والتداولات المالية مع دول العالم.
ومقابل ذلك ما المطلوب من المصارف المحلية أن تقدمه الآن في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد؟
لقد أسهمت المصارف «الحكومية والأهلية» مساهمة فاعلة في تدوير عجلة الاقتصاد خلال السنوات الماضية على الرغم من الملاحظات الكثيرة التي اكتنفت عملها، ولكن البعض من تلك المصارف لم يرتقِ إلى مستوى الدعم الذي حصل عليه، والبعض الآخر كان منشغلاً بتحقيق المزيد الأرباح على حساب واجباته التنموية، ويتجلى ذلك في حركة الأموال التي تتدفق عبر المزاد اليومي للعملة بهدف تحقيق المزيد من الأرباح بدعوى تمويل التجارة الخارجية مقابل انخفاض معدلات الائتمان التي تشير إلى الهدف المطلوب من استحداث هذه المؤسسات المصرفية كلما ارتفعت معدلاتها، فيما تنخض معدلات الودائع لدى الكثير من هذه المصارف جرَّاء عدم العناية بمحور استقطاب الزبائن وإعادة الثقة مع الجمهور بهدف سحب الكتلة النقدية وتدويرها في العمليات الائتمانية ومن ثم المساهمة في عمليات التنمية وتعزيز القضاء على الفقر والحدِّ من عدم المساواة وهذا هو المطلوب.