الأشرعة القرمزيَّة

ثقافة 2025/01/19
...

  الكسندرا كوزيفا

  ترجمة: شيماء ميران


"الأشرعة القرمزيَّة" حكاية خرافيّة مذهلة ستجعلك تصدق أن جميع الأحلام يمكن أن تتحقق. حتى أن شركة "ديزني" كانت ستحب تمثيل هذه القصة. 

تدور الأحداث في أرض من نسج الخيال، وتروي قصة بحّار سابق اسمه "لونغرين" يعيش مع ابنته "آسول" بالقرب من البحر، ويصنع ألعاب السفن للأطفال ويبيعها ويعتاش منها. كان وضعهما مأساويا، إذ توفيت والدة "آسول" بعد ولادتها بثلاثة أشهر فقط. 

يعتبر أهل القرية أن "لونغرين" وابنته من الغرباء ودائما ما يتعرضان إلى التنمّر من الجيران. إذ كانوا يوجهون اللوم لـ "لونغرين" لأنه لم ينقذ صاحب الحانة عندما كان يغرق، لكن ما لا يعرفونه أن "لونغرين" نفسه يلقي اللوم على صاحب الحانة الذي كان سببا في وفاة زوجته والدة "آسول". فحينما كان "لونغرين" يعمل في البحر آنذاك، مرضت زوجته وطلبت من صاحب الحانة مكرهةً إقراضها بعض المال، ولم يعطها إلا مقابل ليلة واحدة فقط. لذلك رفضت، وعلى ما يبدو أنها توفيت بعد فترة وجيزة. 

كان أهل القرية لا يحبون الصغيرة "آسول" ويرونها غريبة، وتزايدت هذه السمعة سوءًا يوما بعد يوم. وبينما كانت تحمل ألعابا من صنع والدها، إلتقت برجل عجوز أخبرها أنها ذات يوم ستلتقي بأمير جميل يصل على متن سفينة ذات أشرعة قرمزية اللون ويأخذها معه إلى إمارته. صدقت "آسول" العجوز وبدأت تحلم بذلك اليوم، وكانت تتعرض المسكينة إلى السخرية والتنمر بسبب ذلك.

وفي يوم من الأيام يصل إلى تلك القرية شاب على متن سفينته الشخصية اسمه "غراي"، وكان وسيماً من عائلة ثرية ليلتقي بـ "آسول"، وبعد أن سمع الشائعات التي كانت تُقال عنها في القرية وقصة الأشرعة القرمزية.

قام "غراي" بتغيير أشرعة سفينته البيضاء إلى قرمزية، وعاد إلى الشاطئ حيث يقع منزل "آسول"، وطلب الزواج منها والذهاب معه إلى بلاد العجائب، ليصاب جميع أهل القرية بالذهول، لكن "آسول" كانت سعيدة وذهبت مع "غراي" برفقة والدها العجوز.

ربما تتفاجأ أن مؤلفاً روسياً يكتب قصة خيالية كهذه تحمل اسماء شخصيات ومشاهد غير روسية. لكن ما لا تعرفه أن اللقب الحقيقي للكاتب "الكسندر غرين" هو "غرينيفسكي"، وقد تم نفيه في العصر القيصري بسبب مشاركته في الحركات الثورية.

أطلق على نفسه اسماً مستعاراً وهرب من الواقع عبر خلق عالم خيالي جديد تماما، مشابه جدا لعالمنا. وفي الحقيقة، قام العديد من الكُتّاب السوفييت بنسخ الفكرة من بعده، ما أدى إلى إحداث طفرة في الخيال العلمي أيضاً. وكان هذا الأسلوب الأسهل والأمثل في التعامل مع الرقابة، فلم يكن لديهم أي شكوى بخصوص القصص الخيالية.

عرّف "غرين" هذا الأسلوب بأنه "رواية غلوائية"، (عمل أدبي أو موسيقي يحتوي على عناصر هزلية إيحائية ومحاكاة ساخرة)، وأشاد النُقّاد بالرواية ووجدوها مليئة بالرمزية والرومانسية الحديثة.

عرضت رواية "الأشرعة القرمزية" على الشاشة مرات عدة، وكان الأكثر شهرة هو فيلم أخرجه "أليسكاندر بتوشكو" عام 1961، لعبت فيه دور "آسول" الممثلة "انستازيا فيرتينسكايا".

عن راشين بيوند