العدوان واستمرار الجريمة

قضايا عربية ودولية 2025/01/28
...

علي حسن الفواز




يواصل الكيان الصهيوني خرقه لاتفاقات "وقف إطلاق النار"، ويستمر في إشعال الحرائق في الجبهات، مانعا العودة الناجزة إلى الأرض في غزة، وفي جنوب لبنان، وكأن فشله في تحقيق مآربه العدوانية يدفعه إلى ممارسة غرائزه القاتلة، وإلى الكشف عن كراهيته وقبح أهدافه. وسيبقى الأثر الذي تركه العدوان الصهيوني على الأرض شاهدا على تلك الجرائم، وفاضحا لعنصريته، ولكل القوى الدولية التي تقف وراءه، ولعل أخطر ما يدور في كواليس هذه "القوى" هو الحديث عن نوايا الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتنسيق مع "حلفائه"، فرض نوع من التهجير الفلسطيني إلى  مصر والأردن، رغم اعتراض كثير من المنظمات الحقوقية والوكالات الإنسانية، على السياسات الداعمة للتهجير والنزوح مرة أخرى.

إن التفكير بهذه النوايا يهدف إلى التخطيط لجريمة حرب جديدة، ولتعطيل إرادة الفلسطينيين عن المطالبة بحقوقهم في العيش والسيادة على أرضهم، وهو ما سيلقى رفضا شعبيا ودوليا، فبقدر ما يؤشر ذلك إلى خرق فاضح لقرارات الأمم المتحدة، فإنه ليس بعيدا عن السياسة الأميركية التي تنسج تخيّلات وأوهاما كبيرة عن المقاومة، وعن الحقوق والحقائق على الأرض، فضلا عما يمكن أن يُحدثه ذلك من فوضى عارمة، تزيد من محنة الفلسطينيين، ومن معاناتهم، فسياسة التهجير في هذا التوقيت لا تعدُّ سوى سياسة تطهير، وبأهداف تعمد إلى إخلاء واسع للأرض لكي تتحول إلى مستوطنات للجماعات الصهيونية، لا سيما أن قطاع غزة ليس خلوا من أهله، فعدد سكانه قبل العدوان كان 2.3 مليون نسمة، وهو بقياس الطوبوغرافيا يشكل سكان دولةٍ من دول العالم.

إن تصريح الرئيس ترامب يخلط السم بالعسل، فتوصيفه لما حدث في غزة على "أنه مكان مدمر حرفيا تقريبا، والناس يموتون هناك، لذلك أفضّل المشاركة مع بعض الدول العربية، وبناء سكن في موقع مختلف، حيث يمكنهم العيش في سلام من أجل التغيير"، وهو ما يؤكد التناقض السياسي والأخلاقي الذي يقف وراء تبني هذه السياسات، والتشجيع على ارتكاب جرائم العزل والترحيل القسري بوصفهما جرائم  ضد الإنسانية، والتي تجد لها صدى داخل كابينة نتنياهو الحكومية، عبر الأصوات العنصرية لبن غفير وسموتريتش، وداخل أوساط اليمين الأميركي الذي يدعم أهداف الكيان في عدوانه، وفي تطهيره العنصري، وفي أهدافه التي تعمل على جعل الأرض الفلسطينية مختبرا لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، مشروع المحو والغياب وتقويض إرادات الشعوب.