سينما الرافدين

الصفحة الاخيرة 2025/02/02
...

محمدغازي الاخرس

لا أمل عن الحديث عن السينمات التي شكلت ما شكلت من ذاكرتي الجمالية، واليوم أود الوقوف أمام سينما الرافدين في منطقة الكيارة بمدينة الثورة (الصدر حاليا). أود الوقوف أمامها وأنا بعمر الثانية عشر، أو الثالثة عشر، حيث كنت أجمع مصروفي اليومي لأشتري بطاقة وأشاهد أي فيلم يعرض في ذلك اليوم، ولن أنسى ما حييت كيف شاهدت فيلم (الشعلة) لأكثر من مرة، ولشدما تأثرت حين قتل أميتاب وبقي دارمند يقلب العملة المعدنية ويكرر : خدعني لكي ينقذني، فقد قرر أميتاب الركون إلى "الطره كتبة" حتى يبقى أحدهما في الجسر ليقاوم عصابة جبار سنغ الكريهة. في ذلك المشهد، أتذكر أنني بكيت ولاحظت أن الكثيرين يبكون، فقد ضرب أميتاب مثالاً مؤثراً في التضحية النفس لإنقاذ صديقه . لكن، لماذا تذكرت سينما الرافدين ورفقتي معها؟ تذكرتها حين تابعت قبل يومين ما كتبه عدد من أبناء مدينة الثورة عن تلك السينما، في صفحة رائعة على الفيسبوك أنا عضو فيها منذ سنوات. تحدث أحد الأعضاء من ذوي الذاكرة الحديدية عن الرافدين، فتقاطرت التعليقات وبعضها تضمن معلومات كثيرة وطريفة عن تلك الأيام. من ذلك مثلاً أن السينما شيدت عام ١٩٧٠ وأول فيلم عرض فيها هو (أهلاً بالحب) من بطولة صباح ورشدي أباضة، وكانت أجرة الدخول أربعين فلساً، وهناك من قال إن من لا يملكون ثمن التذكرة، كانوا يجلسون عند جدران السينما لسماع أصوات الممثلين ورصاص البنادق في أفلام الكابوي. هناك من تذكر أيضاً عدداً من الفتيان السمران الذين يقفون أمام السينما أحيانا ويسلبون الأولاد دراهمهم قبل الدخول. شخصياً، لم يصادفني شيء كهذا، لم أسلب دراهمي لكن السينما نفسها سلبت لبي وسحرتني أتذكر الأجواء جيداً، بائعي اللفات، والببسي، وباعة الماء واللبن، وحب عين الشمس.. بأجوائها الساحرة، الفريدة في ذلك الزمن الفطري. أي نعم، من عاش تلك الأجواء لن ينساها أبداً، فسلاماً على سينما الرافدين التي عمرت ذاكرة طفولتي ومراهقتي، هي وسينما الفردوس وعلاء الدين، القريبة من بيتي خالتي، خلف سوق الأولى.