رئيس الوزراء يرعى حفل تسلّم مفتاح بغداد {عاصمة السياحة العربيَّة 2025}

بغداد: الصباح/ رلى واثق/ شذى الجنابي
رعى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مساء أمس الأحد، حفل تسلم مفتاح بغداد عاصمة السياحة العربية 2025 من مدينة صور العمانية. ورحب السوداني، في مستهل كلمته، بضيوف بغداد وزراء السياحة في الدول العربية الشقيقة، مؤكداً أن "عاصمتنا الحبيبة حظيت بثقة المجلس الوزاري العربي في جامعة الدول العربية بدورته الـ 27، الذي انعقد في القاهرة لتكون عاصمة للسياحة العربية للعام الحالي".
مدينة عصرية
وبين رئيس مجلس الوزراء أنّ "اختيار بغداد عاصمة للسياحة ما كان ليتحقق، لولا أنها أحرزت العديد من المعايير التي أهَّلتها لهذا الأمر، ومن بينها الإدارة السياحية والبنى التحتية، وكذلك العمل المستمر للحفاظ على البيئة والأمن والاستقرار السياحي".
وأكد السوداني أنّ "الحكومة مصممة على المضي بدعمها لتكون بغداد مدينة عصرية تجمع التاريخ والحداثة، كما تجمع الخدمة والترفيه والتراث والجمال"، معلناً الشروع بجملة مشاريع سياحية مهمة تشمل المدينةَ السياحيةَ في منطقة الرضوانية، وغابات بغداد، وغابات النهراون، والقرية العالمية، إضافة إلى الإعلان عن المدينة الثقافية قرب زقورة عكركوف التأريخية.
مشاريع تطوير بغداد
وشدَّد على حرص "الحكومة على إحياء وإعادة تأهيل مشاريع تطوير بغداد وباقي محافظات العراق"، مبيناً أن "عملنا ركز على تأهيل المنطقة التاريخية (الداون تاون) في مدينة بغداد القديمة، لأنها تمثل تراكماً تاريخياً ومعمارياً مميزاً".
رئيس الوزراء لفت إلى "إنجاز المرحلة الثانية لتأهيل بغداد التاريخية، وانطلقنا في المرحلة الثالثة التي تتضمن تأهيل شارع الرشيد وما يجاوره"، مشيراً إلى أن "العراق يستقبل ما يقارب 10 ملايين سائح سنوياً من خلال السياحة الدينية، التي تُسهم بنحو (3 بالمئة) من الناتج المحلي الإجمالي ونسعى لرفعه إلى 10 بالمئة).
كما نوه بأن "الأنشطة السياحية بتفرعاتها تتوافر مقوماتها في جميع أرجاء العراق المتميز بتنوعه البيئي واختلاف تضاريسه، وأكثر من 12 ألف موقع أثري وتاريخي".
بلد فاعل ومؤثر
وزاد السوداني بالقول: إن "العراق، بفضل تضحيات أبنائه، يتسنّم المكانة التي تليق به كبلد فاعل ومؤثر، وتحطُّ فيه الوفود السياحية من مختلف دول العالم للاطلاع على حضاراته"، مؤكداً أن "ملف السياحة لم يغِب عن مسار الإصلاح الاقتصادي، وسعينا نحو تعزيز الاقتصاد غير النفطي ورفد سوق العمل بنوافذ واعدة ومهمة".
رئيس الوزراء قال أيضاً: إن "السياحة رابط بين بلداننا العربية والجوار الجغرافي، يضاف إلى هدف التكامل والشراكة، وهي من أعمدة الاستقرار والتنمية المستدامة"، مشدداً على أنه "لا يمكن أن تنتعش السياحة وتستمر من دون أمن وسلام، والحرب العدوانية على غزة ولبنان تستلزم تكثيف الجهود من أجل وقف الدمار والوحشية".
كذلك أشار إلى أن "آلة الاحتلال الهمجية استهدفت حتى المناطق الأثرية، وهو ما تجسَّد في قصف موقع بعلبك التاريخي والمساجد التاريخية في لبنان الشقيق، وأن ما ارتكبه الكيان المحتل يتطابق مع ممارسات الجماعات الإرهابية التي استهدفت قبة الإمامين العسكريين (عليهما السلام) في سامراء، ومنارة الحدباء ومواقع تاريخية وأثرية في الموصل".
الحفاظ على الإرث الحضاري
وتابع: أن "مهمة العالم الحرِّ اليوم هي الحفاظ على الإرث الحضاري لمنطقتنا، التي تمثل مركز الأديان السماوية، ومستقرَّ الأنبياء، وموطن أهم الحضارات قديماً وحديثاً".
ومن المقرر أن تشمل الفعاليات الخاصة بالمناسبة، والتي ستمتد على مدى عام كامل، سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية والتراثية التي تحتفي بالهوية العراقية، إلى جانب إقامة مهرجانات وعروض فنية ومعارض تراثية تُبرز تنوع الأرث البغدادي الغني، كما تُسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتشجيع الاستثمار في قطاع السياحة وتعزيز التبادل الثقافي بين الدول العربية.
ويمثل هذا الحدث فرصة مثالية لإعادة اكتشاف جمال بغداد وإبراز قدرتها على استقطاب الزائرين من مختلف أنحاء العالم ما يعكس تطلعها نحو مستقبل سياحي مزدهر يجمع بين الأصالة والتجديد، إذ تعدُّ واحدة من أقدم وأغنى العواصم الثقافية والتأريخية في العالم العربي، وتزخر بتراث عريق وآثار تعكس حضارة وادي الرافدين.
أنشطة ثقافية
وكيل وزارة الثقافة للشؤون الثقافية الدكتور فاضل البدراني قال لـ"الصباح": إن "يوم أمس شهد انطلاق فعاليات تسليم مفتاح بغداد عاصمة السياحة العربية للعام 2025 من قبل رئيس منظمة السياحة العربية في القصر الحكومي بمنطقة السراي، برعاية وإشراف رئيس الوزراء".
وأضاف أن "الاحتفاء الذي شارك فيه وزراء السياحة العرب تضمن معزوفات للفرقة الوطنية للثراث الموسيقي العراقي وعروضاً تأريخية وبغدادية لدار الأزياء، وفعاليات لطلبة مدرسة الموسيقى والباليه، فضلاً عن أنه سيتم تنظيم نشاطات فنية وثقافية وأمسيات أدبية وغنائية، إلى جانب إطلاق ألعاب نارية في سماء العاصمة".
دليل بغداد
وأوضح البدراني، أن "هيئة السياحة أعدَّت "دليل بغداد السياحي" الجديد للعام الحالي لتوزيعه بين الوفود، كما تم نصب أعداد كبيرة من الشاشات الضوئية العملاقة داخل مطار بغداد الدولي والطرق المؤدية اليه، وكذلك الساحات العامة في جانبي الكرخ والرصافة، لتعرف الجمهور والسائحين بمفردات بغدادية تظهر دلال وجمال العاصمة، وجمل عديدة أخرى تطلق باللغة العربية الفصحى".
وأشار إلى "إقامة عروض فعاليات بغداد عاصمة السياحة العربية يومياً في أماكن متعددة، مع استمرار زيارة الوفود العربية والعالمية"، مؤكداً "التعاون مع وزارة الداخلية لتقديم التسهيلات للوفود بتوفير (الفيزا) ومرافقتهم بالتعاون مع هيئتي السياحة والآثار والتراث خلال جولاتهم، إضافة إلى توفير النقل الجوي عبر طائرات الخطوط الجوية العراقية".
زيادة الواردات
وبين البدراني أن الوزارة تطمح من خلال هذه المناسبة إلى الارتقاء بالواقع السياحي وزيادة الواردات المتأتية منه لدعم الاقتصاد الوطني، وإمكانية تحويلها إلى مصدر أساسي للإيرادات التي نسعى إلى رفعها إلى 30 بالمئة من الموازنة بعد العام 2025.
كما بين وكيل الوزارة للشؤون الثقافية، أن "أمانة بغداد أسهمت بإطلاق حملات كبرى لتزيين الشوارع والساحات والاهتمام بنظافتها وتأهيل وتنظيف المواقع التراثية والسياحية في العاصمة لغرض استقبال الزائرين، بينما تستعد دائرة المجاميع السياحية لتنظيم جولات للوفود يومياً لمشاهدة أكثر من 15 موقعاً تراثياً مهماً و100 موقع سياحي".
وذكر أنه "سيتم تقديم الخدمات السياحية والثقافية والفنية للوفود في مواقع القصر العباسي ومنطقة السراي وشارع المتنبي وعكركوف وطاق كسرى وبانوراما في سلمان باك والمدرسة المستنصرية والمتحف العراقي والقشلة وغيرها، كما ستحتضن ضفاف نهر دجلة عدداً من الفعاليات البغدادية، فضلاً عن جهوزية مشروع جزيرة بغداد السياحية بمسارحها وحدائقها ومنصاتها، وبرج الجزيرة الذي يمثل أحد رموز المشروع، فضلاً عن إقامة فعاليات ثقافية وفنية أخرى في دائرة السينما والمسرح ودار الأزياء العراقية ودائرة الفنون العامة، مع مشاركة دار الكتب والوثائق بتنظيم معارض للمخطوطات والدوريات".
رحلات داخلية
بدوره، عدَّ نقيب السياحيين العراقيين محمد عودة العبيدي، اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية "إنجازاً كبيراً".
وقال العبيدي لـ"الصباح": إن "الاحتفالية شهدت عروضاً فنية وموسيقية، إضافة إلى عرض فيديوي للخارطة السياحية في بغداد، وعرض أزياء منوع والإعلان لإول مرة عن الفعاليات المستقبلية والعرض التقديمي للأنشطة والمهرجات التي ستقام طوال العام".
وبين العبيدي، أنه "تم في نهاية الاحتفال توزيع هدايا تذكارية حملت شعار بغداد عاصمة السياحة العربية، وإطلاق هاشتاك "بغداد حلوة الحلوات" وطوابع معينة، واستخدام شعار عاصمة السياحة العربية في الكتب الرسمية التي تتعامل بها الدولة".
وأوضح، أنها "فرصة لاستثمار وفتح آفاق جديدة مع الشركات العربية والعالمية المتخصصة بالقطاع السياحي، عن طريق إنشاء المرافق السياحية وإقامة الندوات والمؤتمرات وورش العمل والجانب العملياتي من خلال تدريب الأفراد العاملين بالقطاع السياحي بمختلف مستوياتهم عن طريق خبراء من الخارج لكسب الخبرة والكفاءة العاليتين في هذا القطاع بكل مرفق، إضافة إلى توجيه دعوات للوفود الخارجية لإقامة رحلات داخلية لهم في بغداد من أجل عكس واقع الحضارة والسياحة العراقية لمختلف دول العالم".
إعداد الملف
من جانبه، قال مدير قسم التصاميم في دائرة المتاحف التابعة للهيئة العامة للآثار والتراث حيدر خالد كاظم الشمري لـ"الصباح": إن "اختيار ملف بغداد عاصمة للسياحة العربية جاء بعد تشكيل لجنة برئاسة مستشار رئيس مجلس الوزراء الدكتور عمر العلوي وهيئة السياحة وزارة الثقافة، إذ قامت بإعداد ملف وتقديمه إلى منظمة السياحة العربية تألف من 225 صفحة ضمن شروط وأسس وبنود وتسعة معايير وهي: (الإدارة السياحية، البنية التحتية للسياحة، الموارد السياحية، تنوع الأنماط والأنشطة السياحية، الحفاظ على البيئة وحمايتها، الاستجابة للمستجدات السياحية، النتائج المرجوَّة من السياحة بالمدينة، السلامة والأمن والاستقرار السياحي، السلامة الصحية).
وأردف أنه "تم تكليفه من وزارة الثقافة لإنجاز التصميم والإخراج الفني للملف مع الشعار (اللوكو) على وفق معايير فنية وأكاديمية وشروط مهنية، واستثمار كل جزء منه بدلالة رمز يشير إلى حضارة وادي الرافدين التأريخية، إذ تم إنجازه في غضون 30 يوماً من العمل المتواصل، ومن ثم عرضه على منظمة السياحة العربية للموافقة عليه، إضافة إلى إصدار دليل جديد لمدينة بغداد وتقديمه إلى الوفود العربية".