الذكاء الاصطناعي بين الإبداع والكسل البحثي

آراء 2025/02/04
...

 العلاء صلاح عادل 

في السنوات الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي، وخاصة أدوات مثل ChatGPT، جزءًا لا يتجزأ من الحياة الأكاديمية والبحثية. ومع ذلك، فإن الاستخدام المتزايد لهذه التقنيات كشف عن فجوة واضحة بين الاستفادة الذكية منها والتوظيف الخاطئ الذي يصل إلى حد الكسل البحثي.

بعض الباحثين اليوم يعتمدون على هذه الأدوات بشكل كامل، من الألف إلى الياء، دون أي جهد ذهني أو تحليل نقدي، مما يطرح تساؤلات جدية حول جودة الأبحاث ومصداقيتها. لا شك أن الذكاء الاصطناعي يوفر إمكانيات هائلة، مثل تحليل كميات ضخمة من البيانات، اقتراح أفكار بحثية، وتلخيص الأوراق العلمية، لكنه في المقابل قد يتحول إلى أداة للغش العلمي إذا تم الاعتماد عليه دون تدقيق أو إضافة لمسة فكرية من الباحث. العديد من الباحثين المبتدئين أو حتى بعض طلاب الدراسات العليا ينسخون الإجابات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي دون التحقق من دقتها أو صحتها العلمية. في بعض الحالات، يتم تقديم بحوث كاملة مكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي، دون أي تدخل بشري، مما يؤدي إلى نتائج سطحية تفتقر إلى الأصالة والإبداع. عندما يعتمد الباحث على ChatGPT وغيره في كل شيء، فإنه يتخلى عن عملية التفكير والتحليل، مما يجعله مجرد ناقل للمعلومات بدلاً من أن يكون منتجًا لها. رغم تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها قد تقدم أحيانًا معلومات غير دقيقة أو مغلوطة، وإذا لم يكن الباحث متيقظًا، فقد ينشر أخطاءً علمية في بحثه. الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي دون ذكر المصدر أو دون تدخل الباحث قد يُعد شكلاً من أشكال السرقة العلمية، مما يهدد مصداقية البحث والأوساط الأكاديمية. البحث العلمي يعتمد على الأفكار الجديدة والتحليل العميق، لكن الاعتماد المطلق على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى إنتاج أبحاث مكررة وخالية من التميز. بدلاً من أن يكون الذكاء الاصطناعي وسيلة للكسل، يجب أن يكون أداة مساعدة تعزز من جودة الأبحاث. يمكن الاستفادة منه في تنظيم الأفكار، تلخيص الأوراق البحثية، أو توليد مسودات أولية، لكن يجب أن يكون هناك دور للباحث في التدقيق والتعديل. لا يجب الوثوق الأعمى بكل ما ينتجه الذكاء الاصطناعي، بل يجب الرجوع إلى المصادر العلمية الموثوقة للتأكد من صحة المعلومات. يجب أن يكون لكل باحث رؤيته الخاصة وتحليله الشخصي، وألا يكون مجرد ناقل لمخرجات الذكاء الاصطناعي. إذا تم استخدام الذكاء الاصطناعي في أي جزء من البحث، فمن الأفضل الإشارة إلى ذلك بوضوح للحفاظ على النزاهة الأكاديمية. الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن أن تعزز البحث العلمي إذا تم استخدامها بحكمة، لكنه قد يتحول إلى خطر يهدد جودة الأبحاث إذا اعتمد عليه الباحثون بشكل أعمى. من الضروري أن يدرك الباحثون أن الإبداع والتفكير النقدي هما جوهر البحث العلمي، وألا يسمحوا للذكاء الاصطناعي بأن يحل محل عقولهم. في النهاية، الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون شريكًا في البحث، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن الباحث الحقيقي.