زيد الحلي
في الثالث من شباط سنة 2021، كتبتُ في هذا العمود بالعزيزة " الصباح " مادة حملت عنوان ( الحصيري والصعلكة ) .. تناولت فيه الحياة البوهيمية التي اختطها لنفسه الشاعر عبد الامير الحصيري، واليوم اتطرق إلى الشاعر حسين مردان الذي سبق الحصيري في ذات المنحى.
إن (مردان) الذي ودع الحياة فجر الأربعاء 4 تشرين الأول 1972 نتيجة احتشاء العضلة القلبية مع ارتجاف البطين، ومكان وفاته مدينة الطب ببغداد، كما جاء بشهادة الوفاة، الصادرة من مديرية الاحصاء بوزارة الصحة تحت الرقم ( 4/ 1/ 10873 ) لم يعتمد على(صعلكته) الحياتية واشتراكه في اتباع غير المألوف في نظامه اليومي، بل كان شموخه وتفرده في الابداع مثار دهشة
وانبهار الجميع، فاستحق احترام كافة الأوساط الثقافية. فــ (الصعلكة) عند حسين مردان فعل مستمر، فهو لم يؤمن بالتوقف مثلما لم يؤمن بالمحطات، وقاوم مغريات الحياة وظل متمسكاً بالصعلكة طريقاً وحيداً، أوحد !
ومن غرائب سلوك الاعتداد بالنفس، قول حسين مردان يوماً عن نفسه أنا في ذاتي سر مغلق لا أرى في الناس من يفهمني .. مثلما جئتُ سوف أذهب : لغزاً يحتويه الغموض والكتمان) وقال ايضاً : (انا دكتاتور الأدب وشيخ المشردين) وهو الشاعر الذي ظل محتفظاً حتى اليوم بلقب صاحب أغرب إهداء، حيث قدم لنفسه الاهداء التالي في ديوانه الاول "قصائد عارية": ( لم أحب شيئاً مثلما أحببت نفسي، فإلى المارد الجبار الملتف بثياب الضباب، إلى الشاعر الثائر والمفكر الحر، إلى حسين مردان، أرفع هذه الصرخات التي انبعثت من عروقه في لحظات هائلة من حياته الرهيبة. حسين مردان) بغداد 26 /11 /1949 وينبغي التذكير أن لحسين مردان عدة مؤلفات ودواوين منها (قصائد عارية) سنة 1949 و(اللحن الأسود) سنة 1950 و(صور مرعبة)1951 و(الربيع والجوع) 1953 و(مقالات في النقد الأدبي) 1955 و(أغصان الحديد) 1961 و(الأزهار تورق داخل الصاعقة) 1972..
رحم الله حسين مردان رائد الغرائب .