بيروت: جبار عودة الخطاط
بينما تستمر انتهاكات جيش الكيان الصهيوني لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان وبخط تصاعدي، قدمت وزارة الخارجية اللبنانية أمس الثلاثاء، شكوى إلى مجلس الأمن مطالبة بوقف الخروق والاعتداءات المعادية، في وقت شهدت فيه أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت تحليقًا للطيران الصهيوني على مستوى منخفض، بينما ما زال الشارع اللبناني بانتظار إنضاج تشكيلة حكومة المكلف نواف سلام.
مسألة الخروق الصهيونية وإصرار أهالي الجنوب على العودة لمناطقهم برغم التهديدات والاعتداءات من قبل جيش الاحتلال؛ تفرض نفسها كهاجس ضاغط في الشارعين السياسي والشعبي، بينما تنتظر أوساط سياسية ما يتمخض عنه لقاء رئيس حكومة العدو نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض بواشنطن، وثمة مخاوف من سعي نتنياهو لإقناع ترامب بضرورة إبقاء قطعات من جيش الكيان داخل الجنوب اللبناني في الأقل عند النقاط التي سبق أن تحدثت أوساط صهيونية بأنها من الممكن أن تبقى تحت سيطرة جيش الصهاينة، لما تمثله من بعد أمني واستخباراتي لافت، وهنا تشير أوساط لبنانية إلى طلب نتنياهو بتأجيل مهلة الانسحاب الأولى بعد انتهاء الستين يوماً ليكون بعد لقائه ترامب، والمسألة الثانية هي الخشية من أن يطول مخطط تهجير الفلسطينيين لبنان، بحيث يتم إحياء مشروع توطينهم في لبنان، عطفًا على مجاهرة الرئيس الأميركي بسعيه لتهجير سكان غزة لمصر والأردن، وهنا؛ يتعامل لبنان بجدية كبيرة مع خطر الوجود الصهيوني في أراض من جنوب لبنان وضرورة مغادرتها، والعمل على لجم خروقه المتكررة.
في السياق، قدمت وزارة الخارجية والمغتربين بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ردا على خرق الكيان الصهيوني للقرار 1701 وإعلان وقف الأعمال العدائية، وتجاهله التام لالتزاماته ذات الصلة بترتيبات الأمن المعززة تجاه تنفيذ القرار الدولي.
وقد فصلت الشكوى انتهاكات الكيان الصهيوني المستمرة لإعلان وقف الأعمال العدائية منذ دخوله حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024، ومواصلة اعتداءاته البرية والجوية وتدميره المنازل والأحياء السكنية، بالإضافة إلى ارتكابه انتهاكات جسيمة تمثّلت في عمليات خطف لمواطنين لبنانيين من بينهم جنود في الجيش اللبناني، والاعتداء على مدنيين عائدين إلى قراهم الحدودية، ما أدى إلى استشهاد نحو 24 مدنيًا وإصابة أكثر من 124.
كما أشارت الشكوى؛ إلى استهداف الكيان الصهيوني دوريات للجيش اللبناني ومراسلين صحافيين، بالإضافة إلى إزالته خمس علامات محددة على خط الانسحاب (الخط الأزرق)، في انتهاك واضح للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية، وشددت الشكوى على "رفض لبنان هذه الاعتداءات والخروق الصهيونية الممنهجة، ورفضه إزالة الكيان علامات خط الانسحاب وأي محاولة من قبله لإعادة وضع هذه العلامات بشكل أحادي".
ودعا لبنان مجلس الأمن، لا سيما الدول الراعية لترتيبات وقف الأعمال العدائية إلى "اتخاذ موقف حازم وواضح إزاء هذه الانتهاكات المتكررة، والعمل على إلزام الكيان الصهيوني احترام التزاماته". كما طالب بـ"تعزيز الدعم للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، لضمان حماية السيادة اللبنانية وسلامة المواطنين اللبنانيين".
في الأثناء، شهدت أجواء الضاحية ببيروت أمس الثلاثاء تحليقًا للطيران الصهيوني على مستوى منخفض، في حين دخل الجيش اللبناني منطقة الطيبة في جنوب لبنان بعد مغادرة عناصر جيش الكيان الصهيوني، بينما واصل الأهالي تدفقهم للوصول إلى قراهم في الجنوب، توازيًا مع قيام الجيش الصهيوني ومنذ صباح الثلاثاء الباكر، بتجريف الأشجار والأراضي الزراعية وإحراق بعض المنازل في بلدة حولا من الجهة الشرقية.
إلى ذلك، ما زال الشارع اللبناني ينتظر خروج الدخان الأبيض ليأذن بولادة حكومة رئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي أكّد في تصريح له أمس، أنّ "تشكيل الحكومة يتقدّم إيجابًا على وفق الاتجاه الإصلاحي الإنقاذي، الّذي تعهّد به بالتّفاهم مع رئيس الجمهوريّة جوزيف عون، وبحسب المعايير الّتي سبق أن أعلنها". وشدّد على أنّ "أيّ كلام عن أسماء وزاريّة تُفرض عليه هو عار من الصّحة، فهو من يختار الأسماء، بعد التّشاور مع مختلف الكتل النّيابيّة، لإنجاز تشكيلة تنسجم مع رؤيته للحكومة الّتي يسعى إليها"، مشيرًا إلى أنّ الغمز بوجود "خلاف بينه وبين بعض القوى والأحزاب هو أيضًا غير دقيق، لكون التّواصل الإيجابي قائما مع الجميع".