عواصف سياسية

قضايا عربية ودولية 2025/02/06
...

علي حسن الفواز




تُثير إجراءات الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلاً واسعاً حول إدارة السياسات العامة، وحول تغيير مسارات عمل الحكومة خلال السنوات الأربع المقبلة، فما يجري وسط تشكيل الطاقم الحكومي يضع تلك السياسات أمام تحدٍّ كبير، يخصّ ملفات خطيرة، قد ينعكس الخلاف حولها على طبيعة إدارتها، وعلى فاعلية قراراتها في المجالات المتعددة، لاسيما في إدارة قطاعات الصحة والأدوية واللقاحات والتعليم العالي وقضايا المساعدات و"التنمية الدولية".

اختيار شخصية روبرت كنيدي الإبن لوزارة الصحة فتح الباب على علاقة السياسة الأميركية بمجال إنتاج اللقاحات والأدوية المنقذة للحياة، والتي تُثير معها الحديث عن "الطابع التجاري" وعن سياسات الجمهوريين إزاء قضية ملف الرعاية الصحية، الإنتاج الدوائي، كما أن التلويح بغلق ملف "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" وإخضاعها إلى سياسة وزارة الخارجية، سيكشف عن سرية علاقة هذه الوكالة بملفات الأمن الثقافي، وبدور هذه الوكالة في تقديم "المساعدات" إلى مؤسسات ثقافية وإعلامية وأهلية في كثير من الدول و"منظمات المجتمع المدني" وتحت رعاية خاصة من السياسة الأميركية.

لكن الأخطر في هذه المسارات هو الغموض الذي يحيط بإدارة ملف التعليم العالي في الولايات المتحدة، فما تناقلته وكالات الأنباء حول علاقة "ايلون ماسك" الداعم الرئيس لحملة ترامب، والمسؤول عن " دائرة الكفاءة الحكومية" بهذا الملف، وأن هناك توجهات "جمهورية" لإحداث تغيير في منظومة  التعليم، وعمل مؤسساتها، وبما يجعلها خاضعة إلى سياسات لم تكن بعيدة عن الوعود الانتخابية للرئيس ترامب، والتي قد تثير لغطاً حول استقلالية  الأنظمة التعليمية في الولايات المتحدة، وحول علاقة ذلك  بأعمال الوكالة الأميركية للتنمية، وعلى نحوٍ  يجعل من نقد هذه السياسات مدخلاً للحديث عن مدى دستورية هذه الإجراءات، وعن الطابع المركزي الذي سيتحكم بها، وخطورة تـأثيراتها في علاقة الولايات المتحدة بتلك المنظمات ومشاريعها وبرامجها.

لا شك أن هذه الإجراءات تحظى بموافقة الرئيس ترامب، وربما هي جزء من سياسته، ومن قراراته التي أعلنها، لاسيما ما يتعلق بتجميد المساعدات الأميركية، فضلاً عن تصريحه بأن  "إدارته ستراجع الإنفاق لضمان توزيع الأموال بما يتماشى مع سياسته أميركا أولاً" فضلاً عن مواقفه الحادَّة إزاء القضايا التي تخصُّ الرعاية الصحية وعمل الوكالات الداعمة، وكذلك بالقرارات الخاصة بالتعليم العالي، وبسياسة الإنفاق ضمن "برنامج المساعدات والمنح الفيدرالية" وعن القرارات الخاصة بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية، ومن اتفاقية باريس للمناخ، ومن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والوكالة الدولة لغوث اللاجئين الفسلطينيين" الاونروا".