التربيَة الإعلاميَّة والمواطنة

آراء 2025/02/11
...

 د. محمد وليد صالح 


إلى جانب ما يمثله كقوة مؤثرة وفاعلة في المجتمع، فإن الإعلام ووسائله يتمتعان بقدرة على الإقناع كبيرة سواء بشكل واضح وصريح كانت أم بشكل خفي ومستتر، إلى درجة يمكنها أن تدخل كثيراً من التعديلات على حياتنا وأفكارنا.. بل الأكثر منها تحول إلى مستودع للذاكرة الإجتماعية ومخزونها المعرفي، إذ اصبح يحتوي مضامين التصور الاجتماعي بأبعاده ومعطياته المتباينة، كسمة أساسية ومدخلاً اجتماعياً لأهمية الاعتراف وقبول الآخر لتعزيز التنوع

الثقافي. 

لذلك تعمد الدول على اختلاف أيديولوجياتها إلى إيجاد علاقات طيبة مع الجماهير داخل البلد وخارجه، عن طريق توافر المعلومات والحقائق والبيانات الإيحائية عمّا تقوم به من أعمال لخدمة تلك الجماهير وتعميق الثقة معها، فضلاً عن فهم النمو في وسائل إعلام الأقليات على مستويين: كاستجابة سياسية من جانبها بهدف المشاركة العامة المتكافئة في المجتمع، وسيطرة الصناعات الإعلامية ومساحة التفاوض على الهوية، ويتصل الاثنان بسياسة تمثيلها التي تركز على إنتاج أشكال متنوعة للإعلام –والتمثيل- تواجه الأفكار المتبلورة للجماعات، بدلاً من التصدي للهموم والاهتمامات المتصلة بالتحيّز والصورة الذهنية الإيجابية والسلبية والوصول إلى المؤسسات الإعلامية، ففي العالم الاجتماعي والثقافي كل شيء يعد إعلاماً.

بينما تعمل تقانات المعلومات ووسائل الاتصال في إدراك ان شبكة المعلومات الدولية سمحت للأفراد من جميع انحاء العالم للإرتباط بشبكة تفاعلات كونية، إذ إن الخصائص المتأصلة في هذه المنظومة هي الطبيعة المنتشرة واللامركزية وغير المنتظمة، وبالطبع كانت هناك دائماً محاولات للتحكم والتمركز والتنظيم في مجال الإنترنت، ولكنها فشلت في زمن قبضة قوية لتطويق العالم الرقمي الممتد، نظراً لأن الشبكة قد صممت عن عمد لسلك طرق جانبية لتجنب مبدأ التحكم المركزي، وأن المنظومة الحكومية باعتمادها على الأشكال المنطقية مثل القانون ليست مجهزة ببساطة للتعامل مع التحديات التكنولوجية التي فرضتها تقانات المعلومات ووسائل الاتصال. 

وفي مجال الإعلام الإلكتروني فإن صحفيي المواقع الإلكترونية بعضهم لا يعيرون اهتماماً للقيم والأعراف والأدبيات المهنية للعمل الصحفي، ربما يعود ذلك إلى جهلهم بها أو أنهم لم يحصلوا على مؤهل علمي في أكاديميات العمل الإعلامي.. فتارة يميلون إلى الحديث عن أخلاقيات مهنة الصحافة وآدابها وأخرى يتحدثون عن حرية الرأي والتعبير، وقد تقتضي الأخلاقيات الصحفية أن يكون الصحفي مراقباً ومحللاً في آن

واحد.  

وتظهر هنا أهمية التربية الإعلامية على مفهوم المواطنة وترسيخه عند الأجيال الحديثة العهد، بهدف تكوين قدرات الأفراد ومهاراتهم ليتمكنوا من المشاركة العامة الإيجابية والفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية، كمواطنين يؤمنون بقيم المجتمع وحريصين على مصالحه الدستورية من اجل حياة ديمقراطية وسلام إجتماعي يضمن حياة كريمة لأفراد المجتمع، لتأسيس فكرة المواطنة وفقاً للقانون وان تمارس فعلياً لأنه ليست هناك ديمقراطية بغير مواطنة 

حقيقة.


كاتب عراقي