بيروت: جبار عودة الخطاط
حالة من الهدوء الحذر سادت الحدود اللبنانية السورية، في أعقاب مواجهات مسلحة جرت خلال الأيام الأخيرة وأسفرت عن تهجير عوائل لبنانية من قراها الحدودية.
وذكرت مصادر مطلعة أن اتصالات على أعلى المستويات جرت للتهدئة، في وقت دعا فيه الجيش اللبناني عناصره للرد على مصادر النيران، وأنه اتخذ إجراءات لمعالجة الموقف.
وكان الرئيس اللبناني جوزيف عون قد اتصل في وقت سابق بالإدارة السورية الجديدة، للتنسيق من أجل وقف الاشتباكات المسلحة على الحدود بين البلدين، غير أن المواجهات المسلحة استمرت بعد ذلك في عدة مناطق.
ويربط مراقبون حالة الهدوء الحالي بحالة الطقس الشتائية، في حين يحذر آخرون من أن يكون التصعيد العسكري له أهداف أخرى، مثل إفراغ القرى الحدودية، التي تسكنها عشائر لبنانية مثل آل جعفر وزعيتر ومدلج، وقد أسفرت الاشتباكات عن قتلى وعمليات خطف من الجانبين.
وبحسب مصادر ميدانية، فقد شهدت القرى القريبة من الحدود، عمليات عسكرية مكثفة شنتها جماعات سورية مسلحة، نتيجة معارك كر وفر خلال الفترة الماضية.
واستكمل الجيش اللبناني أمس الاثنين، انتشاره في المنطقة الحدودية الشمالية لمدينة الهرمل مع سوريا، بعد انسحاب مقاتلي أبناء العشائر خلف الحدود التي ينتشر فيها الجيش.
في غضون ذلك، شن الطيران الحربي الصهيوني المعادي سلسلة غارات على البقاع الشمالي، استهدفت منطقة "قرنة أم مصطفى" عند مرتفعات بلدة حربتا، وبلدة قلد السبع في جرود الهرمل لجهة المنطقة الحدودية مع سوريا، كما أغار على معبر قلد السبع الحدودي، واستهدف مؤسسة في الزكبة، ومنزلا في بلدة سهلات الماء، من دون وقوع إصابات.
إلى ذلك، أفاد المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك، بأنّ "أنطونيو غوتيريش رحّب بتشكيل حكومة جديدة في لبنان بقيادة رئيس الوزراء نواف سلام". وأضاف في بيانه أمس الاثنين، أنّ "الأمم المتّحدة تتطلّع إلى العمل في شراكة وثيقة مع الحكومة الجديدة بشأن أولويّاتها، بما في ذلك تعزيز وقف الأعمال العدائيّة والتّنفيذ الكامل للقرار 1701 (2006)، مع دعم جميع الجهود الرّامية إلى معالجة الاحتياجات والتّطلّعات الملحّة لسّكان لبنان، بما في ذلك من خلال التّعافي وإعادة الإعمار وتنفيذ أجندة إصلاح شاملة وجامعة ومستدامة".
ولفت إلى أنّ "الأمم المتحدة تؤكّد التزامها بدعم سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السّياسي وفقًا لاتفاق الطّائف وإعلان بعبدا، والتّنفيذ الفعّال لقرارَي مجلس الأمن 1701 و1559، والقرارات الأخرى ذات الصّلة الّتي تظلّ ضروريّةً لاستقرار لبنان والمنطقة".
بدوره، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، أنّ "أوّل شروط نجاحنا في العمل الصّعب الّذي ينتظرنا، هو التّضامن. أهمّ ما تسعى إليه الحكومة هو أن تعمل كمجموعة منسجمة، وأن تحترم مبدأ التّضامن الوزاري".
وأشار، في حديث متلفز إلى أنّ "مجلس الوزراء هو المكان الّذي نثبّت فيه مشتركاتنا، وليس مكانًا نتبادل فيه النّقض"، موضحًا "أنّنا لسنا حكومةً فيها خاسر ورابح، بل نريد أن نكون حكومةً يكون فيها اللّبنانيّون هم الرّابحين". وركّز على "أنّنا نعي أنّ العادات القديمة أو الولاءات الضيّقة والخلافات المتوارثة قد تؤثّر فينا وتضعف تضامننا، لكن هناك جهدا لتضييق تأثيرها".
وتابع متري، أنّ "عناصر البيان الوزاري باتت معروفة، وخطاب القَسم هو بمثابة نصّ تأسيسي، وسيكون في جوهر البيان الوزاري"، مبيّنًا أنّ "هناك إعلانات لرئيس الحكومة هي أيضًا مكمّلة، بعضها يفصّل ما جاء في خطاب القسم، وبعضها يضيف مسائل إجرائية. همّنا أن يأتي البيان الوزاري مشيرًا إلى كيفيّة التّنفيذ العملي للمبادئ الواردة في خطاب القسم". وأكّد "أنّنا مصرّون على ضرورة الانسحاب الصهيوني من الأراضي اللّبنانيّة المحتلّة في موعده، وسنناقش السّبل الإجرائيّة لكيفيّة بسط الدّولة سيادتها على الأراضي اللّبنانيّة، كما سنسعى للتّفاهم حول هذا الأمر".