علي الخفاجي
على مر السنوات التي خلت، دائماً ما كان العراق يسعــى إلى تحسين علاقاته الخارجية خصوصاً مع الدول المجاورة التي وحتى السنوات القليلة الماضية كان لديها نوع من التوجس في التعامل مع العراق، نتيجة السياسة الرعناء التي كان ينتهجها النظام السابق، وظلت العلاقات متأرجحة إلى حد كبير على الرغم من تغيير النظام السياسي والتطمينات الكبيرة التي ما زالت تبثها الحكومة عبر الدبلوماسية العراقية وعبر النظام المجتمعي الذي دائما ما كان يسعى إلى التقارب والانفتاح على محيطه، على مدى العقود الماضية دائماً ما كان البلد يعتمد على الاقتصاد الريعي كوسيلة وحيدة لنظامه الاقتصادي، وشـَـكل النفط ما يزيد عن خمسة وتسعين بالمئة من مصادر دخله، واستمر الحال هكذا طيلة تلك السنوات وبات على اثر ذلك الاقتصاد العراقي رهين المنظمات، التي تعنى بسوق النفط ويعيش تحت رحمة الطلب العالمي على هذا المصدر، الحديث عن تنويع مصادر الدخل وفتح افاق جديدة لتعدد تلك المصادر امسى الشغل الشاغل الذي يؤرق المواطن، وعلى الرغم من المحاولات الخجولة لتنويع مصادر الدخل والسعي لاعتماد الزراعة والصناعة كموردين من الموارد الرئيسة، لكن الامر ما زال يراوح في مكانه نتيجة البيروقراطية المملة في كثير من الجوانب، مما يجعل مثل تلك الموارد بطيئة النمو وغير ذي
جدوى.
الحديث عن التنمية المستدامة في مختلف القطاعات الحيوية يعتبر من الاولويات والاساسيات لبناء الدول، خصوصا ونحن نعيش في فترة التسارع الزمني الذي وبحكم التطور الذي يشهده العالم اصبح من الضروريات لتكامل القوة الاقتصادية وبالتالي انعاش الفرد على مختلف الصُعد، وفي اطار السعــي المتواصل لتعزيز مكانة العراق الجيوسياسية باعتباره حلقة وصل بين الشرق والغرب وممرا مهما للتجارة العالمية، حسنا ما فعلت الحكومة وبالتحديد في تشرين الاول من عام 2022 من خلال قيامها بالشروع والمضي بمشروع طريق التنمية الذي يعتبر من اهم المشاريع الحيوية منذ تأسيس الدولة العراقية، وكالعادة؛ جوبه هذا المشروع منذ اعلانه بحملة شعواء وتسقيط كبير من عدة اطراف داخلية وخارجية بحجة وجود عدة ممرات دولية بجوار العراق وبالتالي سيصبح هذا المشروع غير ذي فائدة، وكذلك ضعف الامدادات المالية وصعوبة تنفيذ مثل هكذا مشروع في ظل التشنجات والاوضاع المحيطة بالبلد، وغيرها الكثير من الامور التي تسعى إلى عدم المضي بهذا المشروع الذي مقدر له وحسب الخبراء الدوليين المختصين سيكون مشروع ذا اثر كبير وذا فائدة مهمة للمواطن العراقي، خصوصاً اذا ما علمنا انه سيمر بالبلد من اقصاه إلى اقصاه، وسيسهم بتشغيل الايدي العاملة بالإضافة إلى توسيع الحركة العمرانية وانتعاش الاقتصاد من خلال جذب الاستثمارات وبالتالي تقليل البطالة، واستكمالا للدور الكبير الذي لعبته الحكومة العراقية في الجوانب السياسية والتي استطاعت ان تكون وسيطاً فعالاً بين القوى الدولية المتناحرة، نرى انه بامكان العراق أن يستغل هذا الدور لتعزيز التعاون التنموي الاقليمي المتبادل وتحقيق التوازن بعلاقاته مع الدول العظمى وفتح باب الاستثمارات مع تلك الدول، وبالتالي ستكون لهذا المشروع أهمية كبيرة على المدى البعيد، هنا ولأجل اسكاتالاصوات المرجفة والمشكــكة بهذا المشروع، على الحكومة أن تقوم بشراكات مستدامة مع الدول الراغبة بإنجاح هذا المشروع من خلال التمويل، ولكي لا يمر هذا المشروع بسلسلة من الاجراءات البيروقراطية والتعاملات المشبوهة، التي من شأنها عرقلة آلية عمل هذا المشروع الكبير، نرجو ان تقوم الحكومة بإنشاء مؤسسة أو هيئة تعنى بإدارة هذا المشروع والاشراف عليه من خلال التنسيق مع الجهات ذات العلاقة.