{نبض بغداد} يعيد لشارع الرشيد رونقه التراثي والثقافي

ريبورتاج 2025/02/18
...

   بغداد : رسل عقيل

شارع الرشيد في بغداد، واحد من أبرز معالم المدينة التاريخية والثقافية. يمثل هذا الشارع أكثر من مجرد طريق، فهو شاهد على تطور بغداد عبر العصور المختلفة، وقد شهد العديد من الأحداث الكبرى في تاريخ العراق. ويزخر هذا الشارع بالأبنية القديمة التي تحمل بين جدرانها قصصاً وتاريخاً غنياً، من الأسواق الشعبية إلى المعالم الدينية والتجارية.

إن إطلاق المرحلة الثالثة من مبادرة "نبض بغداد" برعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني يُعد خطوة مهمة نحو إعادة إحياء هذا الشارع الأثري الذي يعكس هوية العاصمة الثقافية والتاريخية. من خلال هذه المبادرة، يتم العمل على إعادة تأهيل الشارع بشكل يواكب العصر الحالي، مع الحفاظ على طابعه التاريخي العريق. قد تسهم هذه المبادرة في تعزيز السياحة في بغداد، وتوفير بيئة ملائمة للزوار والسكان على حد سواء، لا سيما أنه يتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.

وبحسب مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد، محمد الربيعي، فإن أمانة بغداد تتولى الإشراف المباشر على مشروع إعادة تأهيل مركز بغداد التاريخي، بدءاً من الباب الشرقي وصولاً إلى الباب المعظم. حيث بدأت المرحلة الأولى في شارع المتنبي، وتلتها المرحلة الثانية في السراي، أما المرحلة الثالثة فتتضمن تطوير منطقة الباب المعظم وساحة الرصافي. 

وأضاف الربيعي لـ"الصباح" أن هذا المشروع ينفذ بالتعاون مع البنك المركزي كممول، ووزارة الثقافة والسياحة والآثار، وبمشاركة مهندسين متخصصين في العمارة البغدادية، موضحاً أنه يشمل تطوير الميدان، وتحسين المدخل، وإزالة التشوهات البصرية، إضافة إلى إعادة إحياء الرواق المعماري التقليدي "الشنشول" والفرشي. 

وتابع "يُنتظر أن يسهم هذا المشروع في استعادة رونق بغداد القديم، ما يعزز من مكانتها كوجهة ثقافية وسياحية".

يسعى مشروع "نبض الحياة" في مرحلته الثالثة إلى إعادة إحياء شارع الرشيد ليكون فضاء ثقافيًا يعكس هوية بغداد العريقة ويستعيد مكانته كمركز مهم للحياة الثقافية والتراثية في العاصمة. وفي هذا السياق، أوضح مدير مكتب وزير الثقافة، منتصر الحسناوي، أن الوزارة تعمل على مجموعة من المبادرات لتعزيز الوعي بأهمية شارع الرشيد كمعلم تاريخي وثقافي بارز. وتشمل هذه الجهود المشاركة في فريق "نبض بغداد"، حيث تسهم الوزارة في الحفاظ على النسق التراثي للشارع عبر دوائر هيئة الآثار والتراث، إضافة إلى الترويج الإعلامي والثقافي من خلال حملات توعوية عبر وسائل الإعلام التقليدية والرقمية لتعريف الجمهور بتاريخ الشارع وأهميته.

وأضاف الحسناوي لـ"الصباح" أنه تم وضع خطة بالتعاون مع أمانة بغداد ورابطة المصارف للحفاظ على التراث الثقافي للشارع أثناء عمليات إعادة التأهيل، والتي تشمل ترميم المباني التراثية بدقة وفقاً لمعايير صارمة لضمان الحفاظ على هويتها المعمارية الأصلية. كما يتضمن المشروع، وفقاً للحسناوي، إزالة التشوهات البصرية وتحسين البنية التحتية من طرق وأرصفة وشبكات خدمات عامة بطريقة تحترم الطابع الثقافي والتاريخي للمنطقة.

وفي سياق الحديث عن العناصر التاريخية الغنية التي يحتضنها شارع الرشيد، يسلط المؤرخ شاكر المحمداوي، الضوء على أهمية دمج الحداثة مع التراث، مشيرًا إلى ضرورة الحفاظ على معالم بغداد القديمة بدلاً من السماح بهدمها أو تدميرها. وفي حديثه لـ"الصباح"، دعا المحمداوي إلى إدامة هذه المعالم التراثية التي تعد جزءًا أساسيًا من هوية المدينة الثقافية. من بين هذه المعالم التاريخية، يذكر المحمداوي الشناشيل الجميلة التي تمثل جزءًا من الطراز المعماري التقليدي لبغداد، فضلاً عن الجوامع القديمة مثل جامع السيد سلطان علي وجامع الحيدر خانة، اللذين يتمتعان بأهمية دينية وثقافية بالغة. كما يلفت الأنظار إلى أسواق بغداد التقليدية مثل سوق الهرج وسوق السراي، التي تعد مراكز حيوية للتجارة والتبادل الثقافي، إضافة إلى المقاهي البغدادية الشهيرة، التي كانت تعد محطات ثقافية وفكرية لتبادل الآراء والأفكار بين الأدباء والمثقفين.

كل هذه العناصر التاريخية الغنية تحتضنها منطقة شارع الرشيد الذي يمتد على طول 3.120 كم، ويعد من أبرز الشوارع التي تشهد على تاريخ بغداد العريق. علاوة على ذلك، يضم الشارع 947 ركيزة (دنكة). 

شارع الرشيد، بما يحتويه من معالم تاريخية وثقافية، يعكس تطور بغداد عبر العصور، وهو مكان يلتقي فيه الماضي بالحاضر، ما يجعل من الضروري المحافظة على هذه الأماكن وتطويرها بطريقة تحترم تاريخها وتسهم في إحياء روح بغداد الثقافية.