الاقتصاد الروسي في طريقه نحو الانهيار

بانوراما 2025/02/19
...

 بريندان كول

 ترجمة: بهاء سلمان

يواجه الاقتصاد الروسي احتمال ارتفاع هائل في حالات افلاس الشركات مع دفع الشركات إلى حافة الهاوية بسبب سعر الفائدة القياسي.

ويقول مركز التحليل الاقتصادي الكلي والتوقعات قصيرة الأجل (CMASF)، المقرّب من الحكومة الروسية، إن واحدة من كل خمس شركات تصنيع يجب أن تدفع ثلثي الأرباح قبل الضرائب لخدمة الديون. وهذا يدل على أن سعر الفائدة الرئيسي البالغ 21 بالمئة والذي فرضه البنك المركزي الروسي لانعاش الاقتصاد له تأثيره السلبي. ويرى "فاسيلي أستروف"، كبير الاقتصاديين لدى معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية، إن هناك "خطرا واقعيا" من مواجهة روسيا ارتفاعا كبيرا في حالات الإفلاس.


لماذا التقرير مهم؟

التقرير صادر عن مركز وثيق الصلة بالحكومة ويعطي نظرة قاتمة لكيفية تأثر الاقتصاد الروسي المتضرر من العقوبات بتكاليف الحرب الروسية مع أوكرانيا. ويظهر التقرير أن الشركات تكافح مع زيادة تكاليف الاقتراض الناجمة عن سعر فائدة أساسي مرتفع يهدف إلى تخفيف التضخم، ويثير تساؤلات حول الاستدامة المالية للانفاق العسكري القياسي.

وكان البنك المركزي الروسي قد قام برفع سعر الفائدة القياسي إلى 21 بالمئة خلال العام الماضي، وهو أعلى مستوى منذ عقدين من الزمان، لأجل مكافحة التضخم، والذي بلغ عشرة بالمئة تقريبا، وهو أكثر من ضعف هدفه. ومع ذلك، أظهر تقرير مركز التحليل الاقتصادي التأثيرات غير المباشرة لهذا المعدل، مما تسبب برفع العديد من الشركات شكاوى متعددة من ارتفاع تكاليف الاقتراض. وأظهر البحث أنه بحلول نهاية العام الماضي 2024، كان لدى عشرين بالمئة من الشركات مدفوعات فائدة بنسبة ثلثي الأرباح المعدلة، وهو مستوى "محفوف بالمخاطر".

ويشير أستروف، الخبير الاقتصادي الروسي، إلى إن نحو نصف الشركات الروسية لديها ديون بمعدل فائدة متغير، وبالتالي فإن احتياجات إعادة التمويل لا بد وأن تكون قد ارتفعت على نحو حاد تماشيا مع ارتفاع أسعار الفائدة. وصرّح الخبير لوسائل الاعلام أنه مع سعر الفائدة الحقيقي عند مستوى يصل إلى 11 بالمئة تقريبا استنادا إلى التضخم الذي شهده شهر كانون الأول من العام الماضي، فمن غير المؤكد عدد الاقتصادات التي قد تنمو "تحت ظل هذه الظروف النقدية القاسية".

يقول أستروف: "سوف يعتمد الكثيرون على المدة التي تستمر فيها أسعار الفائدة المرتفعة للغاية؛ وكلما طال أمد هذه الحالة، كلما كان التأثير من حيث التخلّف عن سداد الائتمان أعظم. استطيع أن أتخيّل بأن البنك المركزي الروسي قد يبدأ بعملية خفض لسعر الفائدة خلال مرحلة ما في المستقبل القريب، حتى لو ظل التضخّم مرتفعا."


صعوبات متزايدة

كما وجد باحثو مركز التحليل الاقتصادي أن هناك زيادة حادة من عشرين بالمئة إلى 37 بالمئة لدى الشركات التي تواجه عدم سداد من الأطراف المقابلة لها للسلع والخدمات الموردة. وبدلا من دفع الأموال للموردين، وجدت الشركات أنه من الأكثر جاذبية إيداع النقود لدى البنوك التي تقدم أسعار فائدة مرتفعة أو شراء سندات خالية من المخاطر، وفقا لتقرير مركز التحليل الاقتصادي.

وأشار التقرير إلى إن القروض الجديدة للقطاعات الرئيسية ضمن المجال الاقتصادي انخفضت بنسبة تصل إلى خمسين بالمئة خلال آخر شهرين من عام 2024، وأصبح من الصعب على الشركات اقتراض المال من سوق الديون. وخلص التقرير إلى أن الاقتصاد الروسي يواجه خطر قفزة واسعة النطاق مع ظهور حالات إفلاس لبعض الشركات.

وتكافح قطاعات مختلفة من الاقتصاد الروسي، حيث تواجه شركات صناعة الفحم انخفاضا حادا بالنسبة للصادرات والايرادات بسبب العقوبات وانخفاض الأسعار العالمية. كما أثرت تكاليف الاقتراض المرتفعة على مراكز التسوق وبناة الطرق وشركات الطيران وشركات تكنولوجيا المعلومات.

يقول تقرير المركز التحليل الاقتصادي: "إن الاقتصاد الروسي يواجه خطر قفزة واسعة النطاق أمام حالات إفلاس الشركات." ويؤكد فاسيلي أستروف، كبير الاقتصاديين من معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية: "ستعتمد الكثير من الشركات على المدة التي تستمر فيها أسعار الفائدة المرتفعة للغاية، فكلما طالت هذه الحالة، زاد التأثير من حيث التخلف عن سداد الائتمان".

ولربما وصف تقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي "المثير للاعجاب" بما يصل إلى أربعة بالمئة، لكنه قال إن هذا الرقم يخفي كيف توقّف نشاط الانتاج الحقيقي عن النمو تقريبا. سيكون هناك قلق بشأن ما إذا كانت الشركات قادرة على تحمل الاضطرابات الاقتصادية المستمرة مع استمرار الحرب.

ونوّه أستروف إلى أن احتمال موجة الإفلاس قد يدفع البنك المركزي الروسي إلى التخلي عن هدف التضخم وخفض سعر الفائدة الرئيسي.


مجلة نيوزويك الاميركية