مقهى الشعب في السليمانية.. حكايات السياسة والفن والفكر

استراحة 2025/02/20
...

 نافع الفرطوسي


تأخذك قدماك إلى ممرٍ ضيق، ينساب بهدوء إلى عالمٍ يتوسع بشكلٍ تدريجي رحب، حتى يجد الزائر نفسه عند نهايته وسط قاعة كبيرة صممت على طرازٍ معماري بغدادي عتيق، فمنذ عهدٍ ليس بقريب شيّدت مقهى (الشعب) بالطابوق والجص وزينت جدرانها بلّوحات وصور رموزٍ، تقدم للزائرين لمحة تاريخية عن مدينة السليمانية الغافية بين جبالها الثلاثة.  المواطن كاوه عبد القادر، قال "سميت القهوة باسم الشعب كي تمثل جميع المواطنين من كل الطوائف والفئات والأطياف، فهناك الرسام والأديب والشاعر والكاتب والسياسي وقادة الحراك المدني والثقافي، كلهم يأتون هنا ويناقشون شتى الأمور السياسية والثقافية والمواضيع العامة ويتبادلون الكتب والمطبوعات". أما كاميران حمه محمود، فقال "لا يكتفي الرواد هنا بشرب الشاي، فالمقهى واحة ومنبر واسع للمناقشات، وهنا مكتبة كبيرة يطالعون فيها ما يهمهم، كما أن المقهى مزار لكبار السياسيين والمسؤولين في البلد، وقد زارها رئيس الوزراء وشخصيات مهمة كثيرة".

في زوايا المقهى تمتزج رائحة لفائف التبغ الكردي من ذي النكهة المميزة والمعتّقة، مع ذاكرة الماضي وعبقه الأصيل، تتمازج بصخب المكان بأصوات متداخلة مع أقداح الشاي الكردي الثقيل ونقاشات رواد المقهى الضاجّة بالثقافة والحياة والعطاء. 

شيّدت مقهى الشعب في السليمانية بحدود العام 1950، من قبل (الأسطى) شريف الشايشي، ويقع إلى جانب السرايا القديمة في مركز المدينة، ومن أهم النشاطات الثقافية والأدبية التي يشهدها المبنى بصورة أسبوعية، هو احتضانه للمعارض الفنية والفوتوغرافية والمناظرات الشعرية وفصول التمثيل المسرحي وطاولات النقاش المختلفة التي تشد الأنظار وتجذب الأسماع وتلفت الانتباه.