تعاني الكثير من الأسر مشكلات مع بداية العطل المدرسية، لا سيما العطلة الصيفية بما أنها الأطول خلال العام، لتشكل هاجساً مقلقاً للأهل حول كيفية ملء الفراغ الذي يبدأ بالتسلل إلى حياة أبنائهم، خصوصاً مع وجود الوالدين خارج المنزل في معظم أوقاتهم، في ظل غياب كبير للمجالات والفضاءات التي يمكن من خلالها تنمية مهاراتهم العقلية والجسدية.
الطفل الذي أمضى أوقاتاً طويلة على مقاعد الدراسة، مع ما عاناه من إجهاد نفسي أثناء مسيرة التحصيل الدراسي، بحاجة لشيء من الترفيه والتسلية المفيدة، ليعود مرة أخرى إلى مدرسته أكثر نشاطاً، وبذهن نظيف ومتقد.
تؤكد العديد من الأبحاث والدراسات التربوية، أهمية النشاطات الترفيهية والتعليمية للطفل، فهي تسهم بشكل كبير في بناء وتطوير شخصيته، كما تدعم إرادته وقدرته على النجاح، وتعزز الإيجابية لديه، فتتحسن علاقاته مع محيطه وأصدقائه.
الأنشطة الصيفية التي يمارسها الأطفال، سواء الرحلات أو الفعاليات الفنية من موسيقى ورسم ومسرح، تسهم في الحد من الجوانب السلبية لديهم، وتسهم في تفريغ الضغط النفسي الذي تراكم خلال العام الدراسي، وتخفف الجهد الذهني والجسدي الذي بذله.
تحمل النشاطات والممارسات التي يقوم بها الأطفال أثناء العطلة الصيفية كثيراً من الجوانب الإيجابية، لاسيما تلك التي تتضمن أعمالاً تطوعية، والنوادي الرياضية والمخيمات، تسهم في جانب منها في تعزيز روح الجماعة ومشاركة الآخرين في الأعمال ومساعدتهم، وتزيد من وعي الطفل وتنمية شخصيته بشكل متوازن، وتوجيهه نحو النجاح وتقدير ذاته ومعرفة أهميته وقيمته، الأمر الذي يؤدي إلى خلق مجتمع متطور وناجح وسليم من جوانبه كافة.
تفتقر الكثير من الأسر العربية لاسيما الفقيرة والمتوسطة الحال إلى فرص إشراك أطفالها في أنشطة صيفية، تملأ الفراغ الذي تركه انقطاعهم عن المدرسة، فيلجؤون بهدف تمضية الوقت إلى اللعب في الشوارع والحارات، يتعلمون في أغلب الأحيان سلوكيات غير جيدة، في ظل غياب رقابة الأهل عن أطفالهم ورغبتهم في إراحة أنفسهم منهم في البيت، فيقذفون بهم إلى الشارع الذي يعلمهم في حالات كثيرة الألفاظ البذيئة، والتدخين وربما يصل الأمر في البعض إلى تعاطي المخدرات وسواها، فضلاً عن لجوء البعض إلى تشغيل أطفالهم أثناء العطل الصيفية في أعمال لا تتناسب وقدراتهم الجسدية والصحية، بحجة تعبئة الوقت والمساعدة في مصروف البيت وتأمين لقمة العيش.
لاشكّ أن الفراغ وحش خطير يمكن أن يفترس أطفالاً لديهم طاقات كبيرة، لابدّ من تفريغها، لذلك تقع المسؤولية الأولى على المؤسسات التربوية التي بإمكانها مساعدة الأهل في تأمين أنشطة لأطفالهم بأسعار رمزية، كالرياضة والفنون وسواها، ليتمكن الطفل من العودة إلى المدرسة أكثر نشاطاً واندفاعا، فضلاً عن دور الأهل في تشجيع الطفل على القراءة مثلا، أو غيرها من أشياء يمكن القيام بها، تمنحه فضاءً من التسلية والفائدة في الوقت ذاته.