كاظم غيلان
تفتخر البلدان بما تنتج، وبما تعكس ابتكارات أهلها وما يسجله لهم التاريخ، فكم يسعد ويتباهى العراقي حين يكون في زيارة دولة ما، ويعثر في أحد أسواقها على معروض كتب عليه (صُنع في العراق).
منذ عقود طويلة وبلصقة طبية متواضعة، قياساً بما وصله الطب الآن من تطورات تتباهى أميركا بـ (لصقة جونسون) وبتسميتنا (لزكة جونسون) التي تباينت مصادر تسميتها بين من ينسبها لاسم أحد رؤساء أميركا، وآخر ينسبها لكاتب أو ناقد يحمل الاسم ذاته.
على أي حال تباينت الآراء والـ (لزكة) واحدة، وغدت مضرب أمثالنا بمن (يلزك) بالكرسي وآخر (يلزك) بالحديث وآخر (يلزك) بك، وأنت تمشي في شارع دون دعوته، ولنا في آخر تقليعة وصلتها هذه الظاهرة هي (لزكة) بعض مثقفي وفناني عراقنا الأشم بمناصبهم النقابية، وكم نتمنى أن تكون آخر (اللزكات).
وعودة على بدء، فالعديد من البلدان دأبت في مجال الصناعة على إعادة النفايات أو تكريرها، وهي تضيف لها بعض لمسات ابتكار تعيد خلقها من جديد، حتى نحس بأنها صناعة جديدة لا علاقة بأصلها الأول، والابتكار كما نعرف من شأن العقول التي تتمتع بشيء من العبقرية .
في حقول كالأدب والفن يشار لبعض التجارب المهمة ولمصدر تكوناتها حتى في طريقة النيل منها أو التقليل من شأنها، كأن يقال إن هذا الروائي من صناعة المؤسسة الرسمية للثقافة أو ذاك الشاعر صنيعة الحزب الفلاني وهكذا .
المهرجانات الشعرية تقام يومياً، إن رصدنا ذلك بدقة وهو لشيء مبهج يدعو للفخر أحياناً، لا سيما أن عراقنا بلد الشعر وحركة تجديده الرائدة، ولا أظننا نختلف في هذا الرأي حتى لو تعرضنا للحسد، وما تصوبه عيون الشعوب والأمم المحيطة بنا والبعيدة عنا جغرافياً .
لكن هناك ظاهرة بدأت (تلزك) ألا وهي تكرار الأسماء المشاركة في بعض المهرجانات لغاية في قلوب القائمين عليها من مدمني (لزكة) الكرسي، وهي عملية تستدعي الانتباه، ففي مجال الصناعة ذكرت كيف يصار لإنتاج أشكال جديدة في عملية تكرار النفايات، لكن هل سينتج تكرار الأسماء الشعرية المشاركة في المهرجانات شاعراً، أو شاعرة يحق لنا أن نقول عنه (صُنع في مهرجان) لكي يتباهى به من رشحه و(كسر ركبته) أثناء التكرار، ومن جرائه حتى بات غير صالح للصق أو(اللزك). أعتقد أن الاصرار على هكذا سياق سينتج لنا طاقات معاقة يتحمل متسببوها السبب دون غيرهم.