نخلة العراق تثمر وفاءً في حفل تخرج {بنات الكفيل}

ريبورتاج 2025/03/02
...

  كربلاء: سعاد البياتي

في مشهد مهيب، غمرته الأجواء الروحانية، اصطفت أكثر من 4000 طالبة جامعية أمام مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)، لترديد قسم التخرج وعهد الوفاء للوطن، ضمن فعاليات الدفعة الثامنة لحفل تخرج "بنات الكفيل"، الذي نظمته العتبة العباسية المقدسة.

ارتدت الخريجات زياً إسلامياً موحداً يجسد روح الحشمة والالتزام، ليكن مثالاً يُحتذى به في احترام القيم التربوية والمبادئ الأخلاقية، بعيداً عن أي مظهر لا يليق بجلال المناسبة وقدسية المكان. طالبات بعمر النضوج وبزي إسلامي جميل وموحد ومن مختلف الجامعات العراقية والإسلامية في العديد من الدول المجاورة، وقفن أمام مرقد أبي الفضل العباس(ع) لترديد قسم التخرج بشكل يليق بمدينة كربلاء المقدسة بفعاليات متميزة وأنيقة، بعيداً عن الاسفاف والتهريج والأساليب غير اللائقة، فاحتفظت الطالبات بقيم ومبادئ العملية التربوية، فقد شهد حفل تخرج (بنات الكفيل الثامن)، الذي نظمته العتبة العباسية المقدسة، فعاليات مميزة، تضمنت ترديد قسم التخرج وعهد الولاء للوطن، وأداء مراسم الزيارة لمرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)، بينما شكلت الطالبات المشاركات فعالية لامعة ومغايرة لكل حفلات التخرج برسم نخلة عراقية بقبعات التخرج كرمز تعبيري واعتباري عن الانتماء للوطن.


درة التخرج

قال السيد أحمد الصافي، المتولي الشرعي للعتبة العباسية في كلمة مسجلة له بثت خلال الحفل، إن "المرأة المتعلمة اليوم تُعقَد عليها الآمال، فليبارك الله لهن، ويتمم فرحتهن، فهن أتعبن الأنفس والأبدان في سبيل أن يجنين هذه الثمرة المباركة ويترقبن هذه اللحظة المشوبة بالفرحة، لما يرين من ثمار هذا الحصاد الذي طال انتظاره، أمامكن إن شاء الله حياة طويلة، فلا تفقدن ما كسبتنه".

وأكد الصافي أن التخرج هو درة،  فلا تفقدنها، ففيها عفة وشموخ وشرف وحياء، وبإمكانكن أن تبنين جيلاً يقدس الأسرة ويحترمها، أنتن من يولى هذه المهمة، لا تتوقفن في كل شيء، هذا الذي أقوله بناتي أخواتي وأستاذاتي، نحن في أتم الحالة الواقعية التي نريدها أن تكون لكن، قطعاً كل واحدة من بناتنا الآن، المشرفات من منتسبات العتبة المقدسة عندما يفرحن ببناتهن في التخرج، يصنعن مثل ما تصنعن، ولعل بعضهن الآن بناتهن معكن، لا يميزن بينهن وبينكن، أردتن الاحتفال بهذه الطريقة، وقد وفرنا هذه الحالة بحمد الله تبارك وتعالى. 

وتمنى الصافي في نهاية الكلمة للطالبات المشاركات حياةً طيبة، وعمراً مفعماً، إن شاء الله تعالى بالخير والإنجازات، لهن ولأهاليهن وذويهن والأساتذة والأستاذات الكريمات اللواتي كانت لهن بصمات واضحة لهذا الجيل الكريم. 

أيقونة الحفل

وقال الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة، مصطفى مرتضى آل ضياء، خلال حفل التتويج : "أقيمت هذه الفعالية لبنات الكفيل تحت شعار (من نور فاطمة -عليها السلام- نضيءُ العالم)، بمشاركة أكثر من 4000 طالبة من مختلف المحافظات العراقية والدول الإسلامية، وإن النشاط صمم من قبل المتولي الشرعي للعتبة المقدسة، سماحة العلامة السيد أحمد الصافي، ورسم تفاصيله من حيث التركيز على احترام الإنسان والعلم والعلماء، وتعد أيقونة الحفل النخلة العراقية الرمز الكبير الذي أدته مجموعة المتخرجات بشكل وتنسيق عال ترجم الهوية الوطنية".

وأوضح آل ضياء "أن المشاركات أسعدتنا بشكل كبير وأثلجت صدورنا، كونها من مختلف الجامعات وبمشاركة 170 طالبة من سبعة دول إسلامية هي: لبنان وإيران والبحرين والسعودية وسلطنة عمان والكويت من خلال استمارة نشرت على الموقع الرسمي لاستحباب المشاركة، وفوجئنا بالأعداد التي أقبلت على هذا الحفل المهيب.

مؤكداً أن الطالبة الجامعية تعد نموذجاً متميزاً وشخصية متحضرة، وتتسم بالوعي الاجتماعي والأخلاق الجيدة، ولهذا أثبت لنا الحضور الهائل كمية الالتزام والرقي في أن حفلات التخرج المثالية هي في رحاب العتبات المقدسة. موضحًا "لمسنا خلال الفعاليات فرحة كبيرة أسهمت في إدخالها العتبة المقدسة إلى نفوس الطالبات وأهاليهن".

صورة مبهجة

وفي هذا الصدد أشارت الطالبة، مريم عبد الحسن، من جامعة بغداد، قسم التاريخ، إلى أنها تشعر بالفخر والاعتزاز وهي تنتمي إلى هذا الجمع المفرح من الطالبات وبالزي الشرعي المميز، مرددة قسم التخرج في العتبة العباسية المشرفة، وإن كل الفعاليات كانت بالمستوى الراقي والمثالي، لذا شكلنا صورة جميلة ومبهجة برسم النخلة العراقية من خلال القبعات الخضر لتمنح التجمع مساحة من الجمال والرقي، ومن هذا المكان المقدس أدعو الجامعات والطالبات إلى إقامة احتفالات التخرج بشكل يليق بالطالبة العراقية، بعيداً عن الإسفاف والعادات غير اللائقة.


يوم مميز

وتقول سؤدد المراياتي، إحدى طالبات جامعة بابل: سارعت لأكون ضمن هذه الاحتفالية المشرفة في حرم أبي الفضل العباس(ع) وأردد قسم التخرج بطمأنينة وفخر، فقد ازدحمت الطالبات بهذا العدد الكبير أمام العتبة العباسية لتحيي يوماً مميزاً انتظرته لسنوات، وماهي إلا ساعات من البركة والفيض الروحاني والشعور بالغبطة والسكينة، وأكدت الماراياتي شكرها وامتنانها لكل منظمي الاحتفالية، لا سيما العتبة العباسية المقدسة التي وفرت الفرصة لنكون أمام البقعة المباركة ونحن نردد قسم التخرج. 


فرح الطالبات العربيات

وعبرت العديد من الطالبات من دولة الكويت والسعودية وإيران والبحرين عن فرحتهن، وهن يخضن تجربة الحضور في هذا التجمع المهيب من الطالبات وترديد قسم التخرج الذي وجدنه فعالية راقية وشعرن بالمسؤولية والاندماج مع الطالبات اللواتي حضرن من مختلف المحافظات، وحظين بالترحيب والتفاعل بكل فقراته المميزة.

الطالبة زهراء محمد من السعودية أوضحت "أنها تشرفت بالحضور وكانت لها فرصة عظيمة أن تواجدت في حرم أبي الفضل العباس عليه السلام لتردد قسم التخرج، وإنه لشرف عظيم أن تحظى بهذا التكريم والتواجد وأنها تشعر بالفرح والسرور، حينما سمحت لها الفرصة للمشاركة، إذ كان التنظيم بمنتهى الجمال والدقة، 

وتمنت أن تقام مثل هذه الاحتفالية في الجامعات العربية، لما لها من وقع مؤثر وراقٍ، على قلوب أسرنا التي شاركتنا فرحة التخرج في حرم الإمام عليه السلام.


بلادي حياتي 

ومن الجدير بالذكر أن العتبة العباسية المقدسة كرمت عدداً من أسر الشهداء، ضمن فعاليات الحفل الختامي، إذ جاء تكريم الأسر، تثميناً لتضحياتهم ومواساة لأسرهم، كما تم تكريم رائدات التعليم في الجامعات العراقية عرفاناً لدورهن وتفانيهن في الارتقاء بالعملية التعليمية.

أما بشأن التنظيم لهذا العدد الهائل من الطالبات ومن مختلف الجامعات العراقية والعربية، فقد وضعت العتبة العباسية المقدسة خطة خاصة لتنظيم مسير الطالبات المشاركات في الحفل المركزي، أثناء تواجدهن في منطقة باب قبلة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) ومرورهن بمنطقة ما بين الحرمين الشريفين، عبر تجهيزها الأمور اللوجستية ونصب القواطع لتنظيم مسيرهن، فضلاً عن الجانب الأمني في المنطقة.

وتضمنت المسيرة التي شهدتها منطقة ما بين الحرمين الشريفين، رفع لافتات تؤكد العفة والحجاب، وحب العراق والوفاء له، جسدتها عبارة (بلادي حياتي)، ويعد حفل بنات الكفيل الثامن من أضخم المهرجانات التي شهدتها العتبة العباسية المقدسة، باحتوائها الكم الهائل من الطالبات المتخرجات، ورعت بذلك كل الأمور التي تخصهن عن طريق تقديم الدافع المعنوي للطالبات المتخرجات، وانطلاقهن للحياة العملية، التي ستكون دافعاً قوياً ليكن من اللواتي يخدمن الوطن ويعلقن الآمال على أنهن يحملن رسالة لابد من أدائها بالشكل الصحيح والملتزم.