السينما الإيرانيَّة بين الهويّة وفخ الأيديولوجيا في ملف {نقد 21}

ثقافة 2025/03/03
...

 بغداد : الصباح


 خصصت مجلة"نقد21- العدد39"التي يرأس تحريرها الناقد د. محمود العيطاني ملفاً عن السينما الإيرانية، أسهم فيه نخبة من النقاد والكتاب السينمائيين، الذين سلطوا الضوء على تاريخ السينما وأهدافها ومواضيعها، فضلاً عن صناع الأفلام المؤسسين لها، تضمن الملف مقالة عن "السينما الإيرانية والمذهب الشيعي: تجليات الهوية والمعتقد بعين السينما" للباحثة المصرية اسراء عصام التي أكدت فيها أن سبب نجاح وازدهار السينما الإيرانية يعود إلى طبيعة الحكم الثوري الذي وظفها لخدمة سياسته، من خلال مقارنة أراها تعسفية مع الضباط الأحرار المصريين، وكيف استخدموا السينما كقوة ناعمة لنشر أهدافهم، مفصلة ذلك من خلال رسالة محمد نجيب، الذي ترأس المرحلة الانتقالية في مصر، وتناولت أيضاً تجربة الثورة البلشفية وتحويلها السينما إلى محض وسيلة للدعاية الشيوعية، لتصل إلى استنتاج مفاده : "أن التميز الذي نلاحظه في السينما الإيرانية، يمكن تفسيره من خلال التاريخ السينمائي في العديد من البلدان، وهو محاولة تثويرها وأدلجتها من أجل خدمة الأنظمة السياسية أيا كانت، وهو سبب من أسباب بقاء السينما الإيرانية وتطورها، صحيح أن النظام الإيراني يحارب بضراوة، أي فيلم يحاول انتقاد الأوضاع الاجتماعية أو السياسية، لكنه يدُرك جيداً قيمة هذا الفن في خدمته، ومن ثم لم يحاول القضاء عليه".. وهذا أوقع الباحثة في مغالطة، إذ أسقطت قناعتها السياسية على واقع السينما الإيرانية الراهنة، التي تميزت بمواقفها الإنسانية وتفرد مواضيعها، فهي عكست الواقع الإيراني، بل وانتقدته، وهذا يفسر مكانة الأفلام الإيرانية في المشهد السينمائي العالمي، من خلال مخرجين أضافوا الكثير إلى السينما العالمية على شاكلة محسن مخملباف وكياروستامي ومجيد مجيدي  وسميرة مخملباف، ومحمد رسولوف، وجعفر بناهي.

وقدم الكاتب الأحوازي حبيب باوي مقالاً عن تاريخ السينما الإيرانية، مقتفياً أثر موجتها الأولى والثانية والثالثة، التي نشهد نهضتها على أيدي صناع سينما مبتكرين مسكوا العصا من الوسط، فهم تأثروا بالحداثة وما بعدها من دون أن ينسلخوا عن هويتهم.

وتابعت الكاتبة المصرية حنان أبو ضياء قصة إحدى فنانات الشتات الإيراني، إذ سلطت الضوء على تجربة شهرة أغداشلو، وهي مُمثلة إيرانية أميركية، حصلت على العديد من الجوائز، منها ترشحها للأوسكار.  

ترسخت مكانة أغداشلو كواحدة من السيدات الرائدات في إيران، رغم حظر الأفلام في إيران نفسها، انتقلت أغداشلو إلى بريطانيا أثناء الثورة الإيرانية عام 1979م ثم إلى الولايات المُتحدة، حيث كسبت الجنسية الأميركية، وبعد سنوات عدة من لعب أدوار صغيرة في التلفزيون والسينما، صارت نجمة سينمائية وتلفزيونية، من أبرز أفلامها: "الوعد"، و"آخر الفرسان"، و"في الداخل".

وتناولت الناقدة والمونتيرة صفاء الليثي مقالاً معداً بعنوان "عباس كياروستامي، وضحت فيه أن  صاحب "عشرة" قدم دراسة دقيقة عن تحولات المجتمع الإيراني، فهو لا يصور الواقع، ولكنه يرسمه بوجهة نظر تجعلنا نكتشف الحيوات الكامنة تحت سطح الواقع، ومزج صاحب "شجرة الكرز"  المتخيل والواقعي، إذ لا يهدف فقط لتصويره كما هو، بل يتجاوز السطح ليكشف عن حقيقة الشخصية الإيرانية الخجولة والحالمة دائماً، بتجاوز الواقع بما فيه من سيطرة الأموات على حياة الأحياء، فضلاً عن عبوره الواقع من نافذة الحلم التي يفتحها بتؤدة كياروستامي في أفلامه، التي تحمل نكهة الأعمال الكبيرة، التي يتفق كثير من النقاد على التقاط مغزاها.

 واختارت الناقدة ماجدة خير الله بضعة أفلام تناولت المسكوت عنه في المجتمع الإيراني من خلال فيلمين ممنوعين هما: "العنكبوت المقدس"، و"كعكتي المفضلة"، اللذان كسرا تابوات المجتمع الإيراني.. إذ كتبت خير الله: "الإعداد لعمل فيلم سينمائي يخُالف مقاييس ما فرضته الرقابة الصارمة في إيران، ومع ذلك فإن السينما الإيرانية ومُبدعيها قد نجحوا في عمل أفلام شديدة الجرأة، وجدت طريقها لأهم 

المهرجانات".

 من جهته التقط الناقد د. محمود الغيطاني ثيمة الفيلم الوثائقي، الذي يوظف ممثلين لإعادة رواية الحكاية، من خلال من ما يعرف بالديكودراما، إذ يحلل الفيلم الإيراني الوثائقي "قدر" للمُخرج ياسر طالبي، مؤكداً أن هذا الفيلم من الأفلام الوثائقية التي لا غنى عنها، التي حاولت التسجيل لقضية مُهمة في المُجتمع الإيراني، وهي قضية السُلطوية على الفتيات، ومنعهن من كل شيء في الحياة، لدرجة أن المُجتمع ربما يرغب في منعهن من الحياة ذاتها، فالعم والعمة هنا يحاولان منع سحر من دراستها وتحقيق حلمها، فضلاً عن حرمانها من الاشتراك في فريق الكرة الطائرة، ورغم موافقة الأب على كل ما ترغب فيه ابنته، إلا أنه لا يمتلك القرار في ذلك بسبب إعاقته العقلية، وهو ما يضع الفتاة تحت ضغوط وتحديات 

لا قبل لها بها.