عبدالهادي مهودر
تكثّف القنوات الفضائية العراقية حواراتها مع السياسيين في شهر رمضان المبارك من كل عام بشكل مبالغ به، وتُشعرنا بأننا نعيش في موسم انتخابي ساخن وليس في شهر الصوم عن الأكل والشرب والجوارح، ويتلقى المشاهد العراقي في شهر واحد أكثر مما يتلقاه من المقابلات والحوارات الحادة في شهر من شهور السنة الأحد عشر الأخرى، ويرى ويسمع كماً هائلاً من الآراء والمواقف والتصريحات التي تكذّب بعضها بعضاً ويتبعها في اليوم التالي سيل من بيانات النفي والإعراب عن الاستغراب.
وليس صعباً إجراء مقارنة لنرى قنوات الدول العربية تقلل من نسب البرامج السياسية مقابل زيادة نسبة الحوارات غير السياسية والبرامج المنوّعة والرمضانية ذات الصبغة الفنية والاجتماعية والشعبية، بهدف إعطاء فسحة أو (عطوة) للمشاهد لمدة شهر واحد وخلق أجواء تتناسب مع الشهر الفضيل، وتحصر الجدل السياسي في الإعلام الموجه إلى الخارج فقط وتريح أعصاب جمهورها المحلي من البرامج الجدلية الحادة المزاج التي تتكرر في بلدنا المختلف بكل شيء حتى في تحويل شهر رمضان إلى شهر تكرار واجترار وتسخين سياسي.
وإذا كانت الحوارات السياسية هي البرامج الأكثر مشاهدة فمن حق الفضائيات البحث عن زيادة نسبة المشاهدة لديها وهذه بحد ذاتها نتيجة محيّرة بحاجة إلى دراسة وتفسير، وقياس المشاهدة مطلوب التحقق من دقته لفهم طبيعة المشاهد العراقي والوجوه التي يحب أن يراها كل حين حتى وهو صائم.