{المسحرجي} مهنة على وشك الاندثار

منصة 2025/03/10
...

المسحرجي له تسميات عديدة، فهو في العراق إضافة لما تقدم يسمى (ابو السحور) وفي مصر ودول اخرى (المسحراتي)، وفي الخليج (ابو طبيلة)، وقد اعتاد الرجل الذي يمارس هذه المهمة ان يجوب القرى والمدن ليعلم المسلمين بموعد السحور، وهي ظاهرة عرفها المجتمع الاسلامي منذ اليوم الاول لفريضة الصوم على المسلمين .

وقد استحدثت طرقا مختلفة لإعلام المسلمين بموعد السحور، ويقال كما في بعض الروايات التاريخية أن هذه الظاهرة بدأت بمصر في عهد الفاطميين، اذ كان الخليفة الفاطمي يرسل رجاله ليطوفوا في شوارع القاهرة يدقون الطبول ويرددون الاناشيد الدينية ويهنئون الناس بقدوم شهر رمضان، وإن أول ظهور (للمسحرجي) بطبلته في الديار الاسلامية كان في عهد الدولة الفاطمية في العام (969) ميلادية، كما شارك شعراء وفنانون في أغاني المسحراتي .

ويؤكد (الجبرتي/ المؤرخ) أنه شاهد وسمع وقرأ عن المسحرجي الذي يجوب شوارع القاهرة وسوريا وتركيا وفلسطين والجزائر وتونس، وكان المسحراتي او ابو طبيلة يعود في يوم العيد مارا بالناس ليأخذ منهم (عيديته).

عادة ما يقرع المسحرجي او أبو الطبل بطريقته الخاصة ويترافق القرع او الضرب مع صوت المنادي الذي يقول (سحور ، اكعد يا صايم سحور) وبعض العبارات الأخرى التي قد يخترعها المسحرجي، ويستمر على هذه الحالة ليتوقف قبل نصف ساعة من موعد الإمساك .وقد يكون بشيرا بحلول أول أيام عيد الفطر مشيعا بهجة أخرى.

 تتفاوت دوافع المسحرجية في العراق لممارسة هذه المهنة، فمنهم من يعتبرها عملاً يدر عليه بعض الدخل، ومنهم من يمتهنها من أجل الثواب، وبعضهم الآخر قد ينذر نذرا ويمارس هذه المهنة أن تحقق مراده.

تذكر المصادر التاريخية البغدادية منافسا آخر للمسحرجي يدعى بالـ(جرخجي)، وهو الحارس الليلي في عهد الدولة العثمانية، وقد كان يقوم بالدور ذاته أحيانا، مستخدما أدواته الخاصة في تنبيه الناس مثل الصفيحة المعدنية المعروفة بالـ(التنك) أو أن يقوم بالطرق على الأبواب، وقد يكون المنافس الأقوى للمسحرجي أو المطبلجي في الذاكرة العراقية التي لم تحتفظ بالكثير عن الـ(جرخجي ) ربما لعدم اجادته للدور او عدم انتمائه للبيئة العراقية المتقاربة، لأن أغلبهم خلافا للمسحرجية كانوا ينتمون لمناطق مختلفة تبعد او تقرب حسب المهام المناطة بهم من قبل مراكز العسكر.