المجتمع المبادر

منصة 2025/03/11
...

  مسلم غالب

شهر رمضان المبارك ليس فقط شهر الصيام والعبادة، بل هو أيضاً شهر التضامن الاجتماعي و التعاون الإنساني. 

يتميز هذا الشهر الكريم بكونه فرصة لتعزيز القيم الإنسانية مثل الرحمة والتكافل، حيث تبرز المبادرات المجتمعية كأداة فعالة لتحقيق هذه القيم، بهذه المناسبة نحاول التطرق إلى مفهوم المجتمع المبادر، ونتعرف على أهم سماته ودوره الإيجابي في خلق التماسك الاجتماعي.

إن المجتمع المبادر مجتمع لايقف مكتوف الأيدي أمام السلبيات والمشكلات الاجتماعية، بل يخرج بمبادرات مبتكرة، ويحاول العمل بمسؤوليته تجاه القضايا العامة. 

ولابد من ايضاح مختصر لكلمتين تم استخدامهما هنا أي " المجتمع" و" المبادر". المجتمع هو الكيان الاجتماعي الذي يضم الأفراد والمجموعات والشرائح الاجتماعية و كل ما يقع خارج دائرة السلطة السياسة أو الحكومة. إذن الحديث هنا ليس عن السلطة ومسؤولياتها، بل عن المجتمع والشراكة المجتمعية. 

إن الانتباه لدور المجتمع والتركيز على تفعيل قابلياته الذاتية، من شأنه تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة نظراً لما يتمتع به المجتمع من ايجابيات وامكانيات، مثل العقل الجماعي، ومؤسسات المجتمع المدني، وتحرره من القيود الإدارية، والابداع، وكثرة الموارد البشرية، والرأسمال الاجتماعي...الخ.

والعبارة الثانية تشير إلى عنصر المبادرة، وهى تأتي مقابل الاندفاع والانفعال والاتكالية. فالإنسان المبادر، يركز على جهوده الذاتية و يتمتع بمهارة حل المسألة، ويحاول إبداع حلول لمشاكله و تنمية قدراته. وكذلك الحال على المستوى الاجتماعي. وكل ما إزدادت المبادرات المجتمعية، قلت المشكلات الاجتماعية. وكل ما تحمل المجتمع المسؤولية أكثر، تسارعت الخطوات نحو التنمية الذاتية. 

تكمن أهمية المجتمع المبادر في كونه أساساً للتنمية المستدامة. عندما يبادر الأفراد إلى حل المشكلات المحلية مثل تحسين التعليم، أو تعزيز الصحة، أو الحفاظ على البيئة، فإنهم يساهمون بشكل مباشر في تحسين جودة الحياة للجميع.

في الشهر الفضيل، تنتشر العديد من المبادرات التي تهدف إلى مساعدة المحتاجين وتلبية احتياجاتهم الأساسية، مثل تنظم حملات توزيع السلال الغذائية والملابس بين الأسر الفقيرة، ما يساعد بتخفيف العبء المادي عنهم. 

تعد هذه المبادرات المجتمعية في شهر رمضان تجسيداً حقيقياً لروح الأخوة، وتعزز التماسك الاجتماعي والروابط الاجتماعية. 

واخيراً، يعود شهر رمضان كل عام ليذكرنا بأهمية المجتمع المبادر، وتحقيقه عبر شتى المبادرات المجتمعية ويعلمنا ايضا كيف نستخدم رأسمالنا الروحي ورأسمالنا الاجتماعي لبناء تماسك مجتمعي يقودنا نحو التنمية المستدامة والشاملة.