بغداد: حسين ثغب
حظي إعلان مجلس الوزراء عن إصدار “نظام تنظيم التجارة الإلكترونية” بترحيب واسع في الأوساط الاقتصادية، إذ يهدف هذا النظام إلى وضع إطار قانوني واضح ينظم عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت. ويأتي هذا القرار ضمن جهود الحكومة لتعزيز بيئة رقمية آمنة ومنظمة، تدعم الدفع الإلكتروني، وتضمن حقوق جميع الأطراف المعنية، مما يسهم في توسيع نطاق التجارة الرقمية ونقلها إلى مستوى أكثر تطوراً
الخبير في شؤون المالية والتنمية، الدكتور عقيل جبر المحمداوي، أكد لـ”الصباح” أن إصدار هذا النظام يمثل خطوة نوعية نحو تحفيز الدفع الإلكتروني وضمان حقوق المستهلكين، مشيراً إلى أنه سيشجع المتاجر والمنصات الرقمية على التسجيل الرسمي والالتزام بمعايير حماية المستهلك. كما أوضح أن هذا التنظيم يسهم في توفير بيئة تنافسية أكثر مرونة للمنتجين والمسوقين والمتاجر الإلكترونية، مما يعزز
من ديناميكية السوق.
وأشار المحمداوي إلى أن اعتماد الدفع الإلكتروني كجزء أساسي من هذا النظام سيخضع لإشراف البنك المركزي العراقي، مما يضمن ضبط وتنظيم المعاملات المالية الرقمية. كما أن هذا التنظيم يفتح المجال لربط السوق الإلكتروني العراقي بالأسواق العربية والعالمية، مما يعزز فرص التبادل التجاري الرقمي.
ويرى خبراء الاقتصاد أن “نظام تنظيم التجارة الإلكترونية” لا يقتصر على ضبط الأسواق وحماية المستهلكين فحسب، بل يمثل أيضاً فرصة حقيقية لدعم الاقتصاد الوطني، لا سيما الشركات الناشئة ورواد الأعمال، عبر تشجيع الاستثمار في التقنيات المالية الحديثة. وفقاً للمحمداوي، فإن هذا التنظيم يضع أسساً راسخة لسوق رقمية متكاملة وفق المعايير العالمية، مما يساعد في دمج العمليات التجارية الجديدة ضمن دورة الاقتصاد الوطني.
كما يعزز هذا النظام الاعتراف الرسمي بالأنشطة التجارية عبر الإنترنت، بما في ذلك التسويق الإلكتروني وإدارة العمليات التجارية الرقمية، إضافة إلى توفير وسائل إلكترونية متطورة لعرض المنتجات والخدمات. ومن خلال استخدام التطبيقات والمواقع التجارية ووسائل التواصل الاجتماعي، سيتم تسهيل عمليات البيع والشراء، إلى جانب تحسين الحوكمة الإلكترونية وإدارة العمليات وفق أحدث الأنظمة التقنية.
وفي وقت سابق، أكدت رابطة المصارف الخاصة أن تنظيم التجارة الإلكترونية يعد ضرورة ملحة لضبط الأسواق الرقمية وحماية المستهلكين، خاصة مع تزايد حالات الاحتيال المرتبطة بالشراء عبر الإنترنت.
وفي سياق متصل، شدد المحمداوي على أهمية دعم شريحة الوسطاء التجاريين الإلكترونيين، نظراً لدورهم المحوري في تسهيل وربط العمليات التجارية والاقتصادية الإلكترونية. وأوضح أن هؤلاء الوسطاء يسهمون في تعزيز أدوات الدفع الإلكتروني وتحقيق التكامل بين المتاجر الإلكترونية والمستهلكين، مما يساعد في استكمال دورة
العمليات التجارية الرقمية.
ومن المتوقع أن ينعكس تنظيم التجارة الإلكترونية بشكل إيجابي على مؤشرات نمو السوق الاقتصادي، من خلال تعزيز القيمة المضافة للناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق تكامل أوسع بين مختلف مكونات الاقتصاد الرقمي، مما يوفر بيئة مواتية لتطوير قطاع التجارة الإلكترونية في العراق.
من جانبه، أشار المختص في الشأن المالي والاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش إلى أن التجارة الإلكترونية في العراق باتت توفر آلاف الوظائف عبر التطبيقات الإلكترونية، مما يتيح للمواطنين تحقيق أرباح جيدة تغطي نفقاتهم اليومية. وأشاد بالخطوات الحكومية لتنظيم هذه التجارة من خلال منصات خاصة بها تضمن حقوق جميع الأطراف، موضحاً أن التنظيم القانوني والمالي لهذا القطاع سيسهم في تطويره وزيادة حجم التعاملات الرقمية.
في السياق ذاته، أكد مستشار الشركة العالمية للبطاقة الذكية، غازي الكناني، أن قرار الحكومة بتنظيم سوق التجارة الإلكترونية يعد أمراً بالغ الأهمية، خاصة بعد التوسع الكبير الذي شهده هذا المجال في العراق خلال الفترة الماضية. وأوضح لـ”الصباح” أن التجارة الإلكترونية أصبحت قطاعاً تنافسياً حيوياً يتطلب تطويراً مستمراً لمواكبة المتغيرات العالمية.
وأشار الكناني إلى أن توسع العمليات التجارية الإلكترونية في العراق يعكس قدرة البلاد على مواكبة التطورات العالمية في هذا المجال، إلى جانب توفير فرص عمل لشرائح واسعة من الشباب بمختلف التخصصات، وهو ما يسهم في تحسين الوضع
الاقتصادي للعائلات العراقية.