بغداد: شيماء رشيد
تترقب الأوساط النيابية والاقتصادية تفاصيل جداول الموازنة العامة الاتحادية لعام 2025، التي تأتي ضمن الموازنة الثلاثية المشرعة بموجب قانون رقم 13 لسنة 2023، ويتوقع أن تصل إلى مجلس النواب خلال الأيام المقبلة، وسط تأكيدات حكومية بأنها ستراعي التوازن بين الإنفاق التشغيلي والاستثماري بما ينسجم مع المنهاج الحكومي الهادف إلى تحسين الخدمات ودعم الاقتصاد.
تفاصيل وأرقام
وقال مستشار رئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، في حديث لـ"الصباح": إن "الموازنة تستند إلى جناحين رئيسيين: الشق التشغيلي، الذي يشكل 68-70بالمئة من إجمالي سقف الإنفاق العام، ويغطي الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية، والشق الاستثماري، المخصص لدعم المشاريع التنموية والخدمية".
وأضاف، أن "الموازنة ستتحرك وفق سقوف صرف تقارب 200 تريليون دينار، مع عجز افتراضي يقدر بـ64 تريليون دينار، يتم تمويله من المصادر الداخلية في حال انخفاض متوسط سعر برميل النفط السنوي عن 70 دولاراً، أو تراجع الصادرات عن 3.4 مليون برميل يومياً".
وأكد صالح، أن "الحكومة ملتزمة بضمان رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية، إذ يتلقى نحو 8 ملايين مواطن دخلاً حكومياً، ما يعيل قرابة 40 مليون مواطن بشكل غير مباشر"، مشيراً إلى أن "تنفيذ المشاريع الخدمية، مثل المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات، يحظى بأولوية موازية لتأمين الرواتب".
كما لفت، إلى أن "التخطيط الستراتيجي المالي يترافق مع مراقبة دقيقة للصرف، لضمان الاستقرار الاقتصادي، فيما تواصل الحكومة دعم القطاع الزراعي وتعزيز السلة الغذائية، إذ يشكل القطاع الزراعي نحو 13بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي". وأشار صالح، إلى أن "الاقتصاد العراقي يشهد نمواً غير نفطي بنسبة 5 بالمئة سنوياً، إلى جانب استقرار سعر الصرف، وانخفاض معدلات التضخم إلى أقل من 3 بالمئة، وهو أدنى مستوى في تاريخ البلاد الحديث"، مشدداً على أن "المرحلة الحالية تشهد حركة إعمار كبرى وتحولاً رقمياً وصناعياً، ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة".
وأضاف، أن "الموازنة من المتوقع أن تصل إلى مجلس النواب خلال آذار الحالي، وفقاً لتقديرات المجلس، حيث يجري تشاور مكثف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بهذا الخصوص لضمان إقرارها ضمن التوقيتات المناسبة".
ترقب برلماني
من جانبها، أكدت اللجنة المالية النيابية، أن مناقشة موازنة 2025 ستُحسم بعد وصولها إلى مجلس النواب، مشيرة إلى أن الحكومة قد تطلب تمريرها كما وردت دون إجراء تعديلات جوهرية.
وقال عضو اللجنة جمال كوجر، في حديث لـ"الصباح": إن "اللجنة المالية ستعقد جلسة بعد وصول مشروع الموازنة إلى البرلمان، وسترفع تقريراً إلى المجلس لتحديد ما إذا كانت ستناقشها داخل اللجنة أم لا".
وأضاف، أنه "في حال تقرر مناقشة الموازنة داخل اللجنة، فسيتم المضي في ذلك، أما إذا لم تُطرح للنقاش، فسيجري التصويت عليها كما وصلت من الحكومة"، موضحاً أن "الموازنة الجديدة لن تختلف كثيراً عن سابقتها، باستثناء بعض التعديلات في الجداول، ومن دون إجراء مناقلات أو تغييرات كبيرة".
وأشار كوجر، إلى أن "الحكومة قد تطلب من البرلمان التصويت على الموازنة بصيغتها الحالية، مما يعني تمريرها كما أعدتها السلطة التنفيذية، دون إدخال تعديلات برلمانية عليها".
وفي ملف الجباية التي ترتبط بتعظيم إيرادات الموازنة، أكد كوجر، أن "الجباية تُعد مورداً أساسياً للدولة في جميع دول العالم، لكن استحصالها في العراق لا يزال ضعيفاً جداً"، مشدداً على ضرورة "وضع برنامج حكومي شامل لضمان تحصيل الجباية بالكامل، والبحث عن بدائل جديدة بعيداً عن الآليات القديمة".
وأضاف كوجر: "هناك عدة نقاط يجب مراعاتها في هذا الإطار، أولها وضع برنامج حكومي واضح لاستحصال الجباية بالكامل، وثانيها البحث عن بدائل للآليات التقليدية، وثالثها توفير محفزات لمن يقومون بالجباية وكذلك لمن يدفعونها، وأخيراً، فإن الخصخصة تمثل الحل الأمثل لاستحصال الجباية بشكل كامل".
وأشار، إلى أن "الخصخصة ستساعد الحكومة في قضيتين أساسيتين، الأولى تقليل الأعباء المرتبطة بالتعيينات، والثانية خفض النفقات التشغيلية"، مؤكداً أن "هذه الآليات، إذا تم تطبيقها بشكل عملي، قد تحقق مردوداً إيجابياً كبيراً". أما بشأن حجم الإيرادات المتوقعة من هذه الإصلاحات، أوضح كوجر أن "الأمر يعتمد على الآلية التي ستعتمدها الحكومة، فإذا اتجهت إلى الخصخصة، فهذا يعني أن موازنات الوزارات ستنفصل عن الحكومة، مما يعزز إيرادات الدولة ويقلل من الأعباء المالية عليها".